لما روي عن ابن عبّاس، و أبي جعفر و أبي عبدالله] أنّه (ص) لم يزل ينقل من صلب نبيّ إلى نبيٍّ، و لا يجب أن يكونوا أنبياء مبعوثين فلعلّ أكثرهم كان نبيّاً لنفسه أو لبيته.
3. و يمكن أن يستدلّ على إيمان آبائه (ص) إلى إبراهيم، بقوله تعالى، حكاية لقول إبراهيم و إسماعيل: «وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا»[2] مع قوله تعالى: «وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ»[3] أي في عقب إبراهيم؛ فيدلّ على أنَّه لابدّ أن تبقى كلمة الله في ذريّة إبراهيم، ولو في واحدٍ واحدٍ، على سبيل التَّسلسل المستمرّ فيبقى أناس منهم على الفطرة، يعبدون الله تعالى حتّى تقوم السّاعة، و لعلّ ذلك استجابة منه تعالى لدعاء إبراهيم (ع) الّذي قال: «وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ»[4] و قوله: «رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي»[5].
و واضح أنّه، لو أنّه تعالى قد استجاب لإبراهيم في جميع ذرّيته لما كان أبولهب من أعظم المشركين و أشدّهم على رسول الله (ص) و هذا ما يفسّر الإتيان ب- «مِنْ» التبعيضيّة في قوله: «وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي» و لا يصحّ القول: بأنّه كما خرج أبولهب، فلعلّ بعض آباء النّبيّ (ص) قد خرج أيضاً، و ذلك لأنّ كلمة «باقِيَةً فِي عَقِبِهِ» تفيد الاتّصال و الاستمرار من دون انقطاعٍ؛ أمّا خروج أبي لهب فهو لا يقطع هذا الاتّصال.