اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 304
زيادة أمده، فلم يجد منهم تجاوباً على ذلك و رفضوا مراجعة النّبيّ (ص) بهذا الخصوص.
و قد كان طَلَبُ أبي سفيان من النّبيّ (ص) تجديد عهد الحديبيّة و الزّيادة في المدّة هو الخدعة الّتي أعدّها هذا الرّجل، و من ورائه قريش للتّخلّص من تبعات الجريمة الّتي ارتكبوها في حقّ خزاعة.
و قد كان لابدّ من ردّ أبي سفيان خائباً ليفهم: أنّ أساليب المكر و الاحتيال لا تجدي في إماتة الحقّ و إحياء الباطل. أضف إلى ذلك: أنّ ما واجهه أبوسفيان في المدينة كان غايةً في الرّوعة، فقد ذاق طعم الذّل و الخزي مرّة بعد أخرى و تجرّع مرارة الخيبة و الفشل كرّات و مرّات لم يعرف لها مثيلًا في حياته كلّها، و قد تجلّى هذا الذّل في مظاهر مختلفة، حتّى في لقائه مع ابنته أمّ حبيبة زوج النّبيّ (ص)، فإنّه لمّا دخل عليها فأراد أن يجلس على فراش رسول الله (ص)، فَطَوَتْه دونه،[1] فقال: يا بنيّة، أرغبتِ بهذا الفراش عنّي أم رغبتِ لي عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول الله (ص) و أنت رجل مشرك نجس، فلم أحبّ أن تجلس على فراش رسول الله (ص). قال: لقد أصابك بعدي شرّ يا بنيّة،[2] ثمّ خرج من بيتها و قد استولى عليه الغضب من هذا الموقف الّذي لم يكن يترقّبه من أقرب النّاس إليه.
التّجهيز لسفرٍ مبهم
ذكروا: أنّه لمّا عزم رسول الله (ص) على غزو مكّة قال لعايشة: جَهّزينا و أخفي أمركِ. فأراد (ص) أن تخفى أصل التّجهّز و الاستعداد لسفر لم يحدّده لها و لا عرّفها طبيعته هل هو سفر للحرب، أو لزيارة منطقة بعينها، أو لأي غرض آخر؟
و منع أحداً أن يخرج من المدينة مخافة أن يتسرّب خبر استعداده لقريش و