اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 266
الشّروط الّتي وضعت في وثيقة الصّلح، منها:
ألف. أنّ الصّلح قد أفسح المجال أمام الكثير من المشركين و المسلمين للتّلاقي في مكّة و في المدينة و غيرهما، و طرح القضايا فيما بينهم على بساط البحث، و التقى الأصدقاءُ و الأهلُ و ذوو الأرحام ببعضهم.
ب. يضاف إلى ذلك: أنّ الكثيرين من المشركين قد شاهدوا عن قربٍ أحوال النّبيّ (ص) و عاينوا حسن سيرته و حميد طريقته و جميل أخلاقه الكريمة، و عرفوا الكثير عن طبيعة تعاطيه مع القضايا، و أدركوا: أنّ ما يسعى إليه ليس هو التّسلّط على الآخرين و اكتساب الامتيازات على حسابهم، بل هو يريد أن يُحقّق لهم المزيد من الرّفعة و الشّوكة و الكرامة و العزّة، و هذا أمرٌ لم يعرفوه و لم يألفوه في زعمائهم، الّذين يريدون: أن يتّخذوا مال الله دُوَلًا و عباد الله خُوَلًا.
فلابدّ أن تميل نفوسهم إلى الإيمان و يبادر خلق منهم الإسلام و يزداد الآخرون له ميلًا.[1] و كان ذلك أعظم الفتح، فقد دخل الإسلام في تينك السّنتين مثل ما دخل فيه قبل ذلك، بل أكثر.[2] بل لقد روي عن الإمام الصّادق (ع) أنّه قال: فما انقضت تلك المدّة (و هي سنت الهدنة) حتّى كاد الإسلام يستولي على أهل مكّة.[3] ج. إنّ شروط الصّلح قد مكّنت من إظهار الإسلام في مكّة، بعيداً عن أي ضغوط حتّى النّفسيّة منها، فلم يعد أحدٌ يمنع أحداً من الدّخول في الإسلام، فدخل فيه مَن أحَبَّ، و لم يعد الدّاخل في هذا الدّين يخشى الاضطهاد و الأذى.
و لو أنّ النّبيّ (ص) اختار طريق الحرب، فإنّ ضرراً بالغاً سوف يلحق بهؤلاء
[1] 1. مكاتيب الرّسول، ج 3، ص 94، و شرح صحيح مسلم للنووي، ج 12، ص 140، و سبل الهدى و الرشاد، ج 5، ص 80
[2] 2. تاريخ الأمم و الملوك، ج 2، ص 283، و النصّ و الاجتهاد، ص 183
[3] 3. البحار، ج 20، ص 363، و إعلام الورى، ص 61، و مناقب آل أبي طالب، ج 1، ص 175، و مكاتيب الرسول، ج 3، ص 94.
اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 266