responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 156

فلابدّ من اختيار مكان قريب منها، يمكن أن يمارس منه عليها رقابة و نوعاً من الضّغط السّياسي و الاقتصادي، و حتّى العسكري، إن لزم الأمر في الوقت المناسب، حينما لابدّ له من أن يفرض سلطته عليها.

و المدينة، هي ذلك الموقع الّذي تتوفّر فيه مقوّمات هذا الضّغط، فهي تستطيع مضايقة مكّة اقتصاديّاً، لوقوعها على طريق القوافل التّجاريّة المكيّة، و قريش تعيش على التّجارة بالدرجة الأولى.

كما أنّ ذلك يهيّى‌ء للنّبي (ص) الفرصة لعرض دعوته على القوافل الّتي تتجّه من بلاد الشّام و الأردن و فلسطين و غيرها إلى مكّة، و التّمهيد لإفشال كثير من الدّعايات الّتي يمكن للمكّيين أن يطلقوها ضدّ الإسلام و أهله.

2. إنّ الهجرة إلى المدينة هي الحلّ المفروض، الّذي لاخيار معه؛ و ذلك لأنّ الهجرة إلى الطّائف لم تكن بالّتي تجدي نفعاً، بعد أن رأينا: أنّ أهلها رفضوا الاستجابة إلى النّبيّ (ص) حينما هاجر إليهم.

و أمّا اليمن، و فارس، و الرّوم، و بلاد الشّام و غيرها، فقد كانت خاضعة لسلطة الدّولتين العظيمتين، اللّتين لن يكون نصيب الرّسول والرّسالة منهما سوى المتاعب و الأخطار الجسيمة، و لسوف نرى أنّ كسرى قد حاول أن يقوم بعمليّة خطيرةٍ تجاه الرّسول و رسالته حينما أرسل إليه (ص) يدعوه إلى الإسلام.

و امّا الحبشة فهي بحكم موقعها الجغرافي مفصولة عن مكّة؛ كما أنّها بحكم واقعها الاجتماعي، و السياسي، و البشري، و العنصري، و بحكم كونها بلداً أفريقيّاً، فإنّها ليست بلداً قادراً على أن يقود عمليّة التغيير العالميّة الشّاملة، لا اقتصادياً، و لا سياسيّاً، و لا عسكريّاَ، و لا حتّى فكريّاً و اجتماعيّاً.

3. إنّ أهل المدينة أنفسهم قد طلبوا ذلك من النّبيّ (ص) و بايعوه بيعة العقبة، و وعدوه النّصر؛ و النّبيّ (ص) إنّما يتصرّف وفق الإرادة الإلهيّة الّتي لاتغيب عنها تلك المصالح و سواها؛ فالله هو الّذي يرعاه و يسدّده.

و هكذا يتّضح: أنّه ليس ثَمّة إلّا المدينة، و المدينة فقط، موقعاً مناسباً للهجرة، فكانت الهجرة إليها.

اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 156
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست