اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 138
المغرضة، الّتي كانت تبثّها قريش و أعوانها، ككونه ساحراً، أو كاهنا، أو شاعراً، أو مجنوناً، أو غير ذلك من تُرَّهات.[1] ب. إنّ ما جرى في قضيّة بني عامر لَيدلُّ دلالةً واضحة على أنّ عرضه (ص) دعوتَه على القبائل. قد أسهم في الدّعاية لهذا الدّين، و نشر صيته في مختلف الأنحاء و الأرجاء؛ فقد كان من الطّبيعي أن يتحدّث النّاس إذا رجعوا إلى بلادهم بما رأوه و سمعوه في سفرهم ذاك، و لم يكن ثَمّة خبر أكثر إثارة لهم من خبر ظهور هذا الدّين الجديد، و في مكّة بالذّات.
دخول الإسلام إلى المدينة
و ثَمّة خلاف بين المؤرّخين في مَن؟ و متى؟ و كيفيّة إسلام أوّل دفعة من أهل المدينة. و لكنّنا نستطيع أن نؤكّد على أنّ الإسلام قد دخل المدينة على مراحل؛ فأسلم أوّلًا؛ أسعدُ بن زرارة و ذَكوان بن عبد القيس، حينما كان المسلمون محصورين في الشّعب؛ ثمّ أسلم خمسةٌ، أو ثمانيةٌ، أو ستّة نفر بعد ذلك؛ ثمّ كانت بيعة العقبة الأولى؛ ثمّ كانت بيعة العقبة الثّانية. و هذا هو ما يظهر من مغلطاي و غيره.[2] فهم يقولون: إنّ أسعد بن زرارة و ذكوان بن عبدالقيس الخزرجَيّين قَدِ ما مكّة في أحد المواسم، حينما كانت قريش تحاصر الهاشميّين في الشّعب، بهدف طلب الحلف من عتبة بن ربيعة على الأوس.
فرفض عتبة ذلك و قال: بعدت دارنا عن داركم، و لنا شغل لا نتفرّغ لشىءٍ. فسئله عن هذا الشّغل؛ فأخبره بخروج النّبيّ (ص) فيهم و أنّه أفسد شبابهم، و فرّق
[1] 1. التُرَّهات: الطّرق الصّغار تتشعّب عن الجادّة، واحدتها تُرَّهة، فارسي معرّب، ثم استعير للباطل