هداية الناس: «لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ» و التدبر فيه، و في آياته: «أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ، أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها»، و ما إلى ذلك من آيات، تبين الهدف من انزال القرآن، في هذا الاتجاه، أو في غيره ..
و واضح: أن ذلك لا يختص بفرد دون فرد، و لا بجماعة دون أخرى .. و حفظ القرآن إنما هو لأجل ذلك، فاذا كان محرفا لم يكن هدى لأحد، و لا هو مما، لا ريب فيه إلخ .. و لا يصح لوم الناس و تقريعهم لعدم تدبرهم القرآن ..
و لعلّك تقول: يمكن أن يكون التحريف أو الحذف قد نال القسم الذي يكون تحريفه أو حذفه غير محل بالمعنى، و لا يؤثر في العقائد و الاحكام، و لا يمنع من أن تكون الهداية على أتمها.
و الجواب: عن ذلك:
ألف: إن ذلك يحتاج إلى ما يثبته؛ فمن الذي قال: إن التحريف قد نال هذه الناحية دون سواها؟! و كيف يمكن إثبات ذلك؟!.
باء: إننا لا نجد مبررا للمنافقين، و الذين في قلوبهم مرض، و اعداء الاسلام، لارتكاب هذه الحماقة، فان الدواعي للدسّ، و الوضع، و التحريف، في الأمور الاعتقادية، و قصص الانبياء، و الامم الخالية، و احوال المبدأ و المعاد، و في كثير من الاحكام، و غيرها .. هذه الدواعي- أكثر و أوفر، ما دام أن الهدف من الدسّ هو تفويت الغرض، و استبدال الهداية بضدها ..
الثاني: و قد يناقش في الاستدلال أيضا: بانه لا ريب في وقوع التحريف في القرآن، بسبب اشتباه النساخ في كتابتهم للقرآن، و هذا يعني: أن الآية غير ناظرة للحفظ عن التحريف عند الناس ..
و الجواب: أن هذا النوع من التحريف لا يضر، و لا يوجب صرف الآية عما لها من الظهور، و ذلك لأن اشتباه النساخ، لا يوجب تحريف القرآن، ما دام أنه يبقى محفوظا على حقيقته، و معروفا لدى الناس و الأمة، الذين سرعان