بالنسبة لهذه الرواية الأخيرة؛ إنها لا تصح، و لو صحت، فهي لا تدل على تحريف القرآن، و ذلك: لأنها تصرح: بأنه (ص) عاد فذكر ما نسيه.
نعم هي تدل على امكان حصول النسيان لبعض القرآن منه (ص)، و لا تدل على حصول ذلك فعلا ..
أما سبب حكمنا على هذه الرواية بعدم الصحة، فيرجع إلى الامور التالية:
أولا: إن النبيّ (ص) لا يمكن أن ينسى القرآن بعد أن كان اللّه تعالى هو الذي تعهد للنبيّ (ص) بعدم نسيانه شيئا منه؛ قال تعالى: «سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى، إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ»[1].
و قوله تعالى إلا ما شاء اللّه، إنما هو للاشارة إلى ان تأمين اللّه لرسوله (ص) من النسيان، ليس أمرا خارجا عن إرادته تعالى؛ لأنه سبحانه لا يعجزه شيئ، و انما هو بكرم منه تعالى، و تفضل، أو استجابة لمقتضيات الحكمة، لا بتحتيم عليه و الزام ..
فهو من قبيل قوله تعالى: «.. وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا، فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها، ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ، إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ، عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ»[2].
و ثانيا: لقد رأينا النبيّ (ص) ينعى على من ينسى آيات القرآن، و يحذر من ذلك بصورة قوية، و قاطعة:
1- فعن عبد اللّه بن مسعود عنه (ص)، قال: بئسما لاحدكم، أو بئسما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت، و كيت، بل هو نسي، استذكروا القرآن