الحمد للّه الذي أنزل الكتاب هدى للناس و بيّنات من الهدى و الفرقان، و أفضل الصلاة و أتمّها على البشير النذير صاحب هذه المعجزة الخالدة، و على أهل بيته الحافظين للقرآن من تحريف الضالّين و تلاعب المضلّين، و اللعنة على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين.
لا يخفى على المتأمّل أنّ القرآن الكريم هو الكتاب السماويّ الوحيد الذي تعهّدت المشيئة الإلهية بحفظه و صيانته من التحريف بكلّ أشكاله و صوره، حيث قال عزّ من قائل «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ» فبقي القرآن إلهيّا في متنه تطفح عليه آثار الربوبية فتتصدّع لمعانيه قلوب العارفين و تخشع لحقائقه نفوس المؤمنين لما أودع فيه من المعارف الربّانية و الأسرار الحقّانية التي لا يعلم تأويلها إلّا اللّه و الراسخون في العلم، فهو البحر الخضم الذي لا تدرك أعماقه و لا تنتهي أبعاده، فتجد المسلمين و من أول زمان نزوله أكبّوا على دراسته و تفسيره و تحقيق علومه، فبذلوا في هذا المجال جهودا مضنية متحفين بذلك المكتبة الاسلامية بأنواع التصانيف التي تبحث في علوم القرآن و جوانبه المختلفة.
و ما هذا الكتاب الذي بين يديك إلّا نموذجا جليّا يؤكّد هذه الحقيقة، و يدفع شبهة التحريف بصورة قاطعة و باسلوب علميّ حديث، فقد