«.. و قد ذهب اكثر نحاة البصرة، و نفر قليل ممن تابعهم، أمثال الزمخشري، و ابن قتيبة، إلى رد بعض القراءات؛ لمخالفتها لقواعدهم النحوية، التي وضعوها خارج دائرة هذه القراءات و امثالها من اللهجات و الاساليب العربية»[1].
و نستغرب جدا هذه العبارة الاخيرة من هذا الكاتب، فان تتبع كلماتهم و استشهاداتهم يعطينا خلافها تماما، و ليس ذلك منه إلا تهمة باطلة، لا تستند إلى أساس علمي، و تبتعد عن النزاهة، و عن النظرة الموضوعية: كما هو ظاهر ..
القراءات .. تساوق القول بالتحريف:
و يلاحظ: أن القراءات المختلفة، المنقولة على أنها توقيفية عن رسول اللّه (ص) ..، قد اقتضت القراءة بالزيادة لحرف و كلمة، و جملة، و آية كاملة ..
و القراءة بالنقيصة، كذلك، و القراءة بالتبديل لبعض الكلمات، أو الحروف، أو الجمل بغيرها.
بل إن كلمة (هو)، في قوله تعالى في سورة الحديد؛ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ، و كلمة: (من) في قوله تعالى في سورة التوبة على رأس المئة آية، و البسملة في الفاتحة، و في غيرها .. و غير ذلك، تكون من القرآن على قراءة، و ليست من القرآن على قراءة أخرى ..
و كذلك الهاء في (تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ)، و في (لَمْ يَتَسَنَّهْ) و نحو ذلك[2].
[2] راجع: المحلى ج 3 ص 253/ 254، و فتح الباري، ح 9 ص 30، 36 و التمهيد في علوم القرآن و الاتقان، و غير ذلك ..
و راجع: القراءات القرآنية: تاريخ و تعريف ص 89- 91. فانه ذكر كلام ابن قتيبة، في وجوه القراءات، و امثلتها على النحو الذي ذكرناه تقريبا، ثم ما عقب به عليها من أنها كلها منزلة من عند اللّه سبحانه.