و كثرة فتحه و ضمه و كسره في الآية الواحدة؛ لأنه لا يعتمد على علم العربية، و لا به بصر بالمعاني يرجع إليه، و إنما اعتماده على حفظه و سماعه.
و قد ينسى الحافظ فيضيع السماع، و تشتبه عليه الحروف؛ فيقرأ بلحن لا يعرفه، و تدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره، و يبرىء نفسه، و عسى أن يكون عند الناس مصدقا؛ فيحمل ذلك عنه، و قد نسيه و وهم فيه، و جسر على لزومه، و الاصرار عليه، أو يكون قد قرأ على من نسي، وضيع الاعراب، و دخلته الشبهة فيتوهم؛ فذلك لا يقلّد القراءة، و لا يحتج بنقله.
و منهم: من يعرب قراءته، و يبصر المعاني، و يعرف اللغات، و لا علم له بالقراءات، و اختلاف الناس و الآثار. فربما دعاه بصره بالاعراب إلى أن يقرأ بحرف جائز في العربية، لم يقرأ به أحد من الماضين، فيكون ذلك مبتدعا»[1].
و لعل من قبيل نسيان الحافظ، أو لعله من قبيل خطأ السامعة، قراءة عمر بن الخطاب: «و السابقون الاولون من المهاجرين و الانصار الذين اتبعوهم باحسان إلخ ..» فذكّره زيد بن ثابت، فلم يقبل منه حتى سمع من ابي كعب[2].
و قد تقدم في الفصل السابق عدد من الامثلة لامثال هذه الاخطاء و لنسيان الحافظ، فلا نعيد.
هذا كله عدا عن تضعيفهم عددا من القراء المشهورين، و رميهم بالكذب، فراجع[3].
[1] القراءات القرآنية تاريخ و تغريف ص 35/ 36 عن ابن مجاهد في مقدمة كتابه ص 45.
[2] الجامع لاحكام القرآن ج 8 ص 238 و جامع البيان ج 10 ص 7 و تفسير الكشاف ج 2 ص 304 و فتح القدير ج 2 ص 398 و الدر المنثور ج 6 ص 269 عن ابي عبيد، و سنيد و ابن جرير، و ابن المنذر و ابن مردويه و عن ابي الشيخ أيضا و كنز العمال ج 2 ص 379.
[3] راجع: القراءات القرآنية تاريخ و تعريف ص 68 عن طبقات ابن الجزري و غيره ..