و معنى ذلك: أن الإختلاف، لم ينشأ من تلقي القراء لقراءاتهم رواية عن رسول اللّه (ص) ..
و عن ابن جرير الطبري قوله: «فلما صارت المصاحف في الآفاق، غير مضبوطة، و لا معجمة، قرأها الناس، فما أنفذوه منها نفذ، و ما احتمل وجهين طلبوا فيه السماع حتى وجدوه»[2].
و لكن الحقيقة هي: أن ما اجتهدوا فيه، كان اكثر بكثير مما طلبوا فيه السماع، و ذلك هو أصل البلاء ..
و عن ابن جرير أيضا قوله: «لما خلت تلك المصاحف من الشكل و الاعجام، و حصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه. و كان أهل كل ناحية من النواحي التي وجهت إليها المصاحف، قد كان لهم في مصرهم ذلك من الصحابة معلمون .. إلى أن قال: فانتقلوا عما بان لهم: أنهم أمروا بالانتقال عنه، مما كان بأيديهم، و ثبتوا على ما لم يكن في المصاحف الموجهة إليهم، مما يستدلون به على انتقالهم عنه»[3].
أما جولد تسيهر؛ فقد اعتبر «أن نشأة القراءات كانت بسبب تجرو الخط العربي من علامات الحركات، و خلوه من نقط الاعجام»[4].
و تابعه كارل بروكلمان على ذلك؛ فقال: «حقا فتحت الكتابة، التي لم تكن قد وصلت إلى درجة الكمال مجالا لبعض الاختلاف في القراءة، لا سيما إذ كانت غير كاملة النقط، و لا مشتملة على رسوم الحركات؛ فاشتغل القراء على
[1] فتح الباري ج 9 ص 28 و التمهيد ج 2 ص 18 عن التبيان ص 86.
[2] تاريخ القرآن للصغير ص 109 عن المرشد الوجيز لابي شامة ص 150.
[3] تاريخ القرآن للصغير ص 107/ 108 عن المرشد الوجيز ص 149 عن الطبري.
[4] تاريخ القرآن للصغير ص 99/ 100 عن: مذاهب التفسير الاسلامي ص 8 فما بعدها ..