«.. في قول زيد بن ثابت: فجمعه من الرقاع، و الاكتاف، و صدور الرجال، ما أوهم بعض الناس: أن أحدا لم يجمع القرآن في عهد رسول اللّه (ص). و أن من قال: إنه جمع القرآن، أبي بن كعب و زيد، ليس بمحفوظ.
و ليس الأمر على ما أوهم؛ و انما طلب القرآن متفرقا؛ ليقابل بالمجتمع، عند من بقي، ممن جمع القرآن؛ ليشترك الجميع في علم ما جمع؛ فلا يغيب عن جمع القرآن أحد عنده منه شيىء، و لا يرتاب أحد فيما يودع في المصحف، و لا يشكوا في أنه جمع عن ملأ منهم»[1].
و نقول: اننا لا نرى- بعد كل الذي قدمناه-: أننا بحاجة إلى رد هذه الاقوال، أو مناقشتها، فقد اتضح بطلانها، بما لا مزيد عليه ..
و لكننا مع ذلك نعود فنذكّر هنا ببعض ذلك، في ضمن النقاط التالية:
أولا: لقد اثبتنا في الفصل الذي خصصناه للحديث عن نسخ التلاوة: أن هذا النوع من النسخ باطل، و لا يصح من الأساس، و أن ما ذكر من أمثلة و شواهد له، لا يصلح لذلك، و لا يجدي شيئا ..
و ثانيا: قال بعض الباحثين بالنسبة لنسخ التلاوة:
«.. و على فرض وجود النسخ المدعى؛ فالاشكال نفسه يرد بالنسبة إلى الحفظ و الاستظهار، فحفاظ القرآن اكثر من أن يحصوا؛ فاذا نزل الناسخ للتلاوة، وقع ذات الاشكال، و صعب إزالة ما هو محفوظ في الصدور»[2].
و ثالثا: إنه بعد ثبوت: أن النبيّ (ص) قد جمع القرآن، و رتبه، و حفظه، فان كل من عنده شيىء من القرآن، أصبح يعرف: أن المرجع، و الميزان، و المعيار هو ذلك الذي كتبه نفس رسول اللّه (ص).