فهو ينافي قول زيد: إنهم كانوا عند رسول اللّه (ص) يؤلفون القرآن من الرقاع.
إلا أن يكون الذي تم في عهد أبي بكر، هو التجليد فقط، أو هو استنساخ نسخ أخرى، من قرآن مجموع في مكان واحد، و مؤلف و منسق، و لا ينقصه شيىء، و لكننا لم نعهد في كلام العرب: أن يقولوا لمن يكتب نسخة أخرى من كتاب: أنه قد جمع ذلك الكتاب ..
ثانيا: قد تقدم: أن القرآن كان مكتوبا في المصاحف، في زمنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كانت متداولة لدى الصحابة آنئذ، و كان النبيّ (ص) يحثهم على قراءة القرآن نظرا، حسبما تقدم و قد ذكر النبيّ (ص) لها احكاما، كعدم جواز تنجيسها، و عدم الاذن بالسفر بها إلى ارض العدو، و عدم جواز محوها بالاقدام إلخ.
ثالثا: لقد نص المؤرخون: على أنه كان عند النبيّ (ص) كتاب مخصوصون للمعاهدات، و لخرص النخل، و للمداينات. كما أنه (ص) أمرهم بأن يكتبوا له: كل من تلفظّ بالاسلام فكتب له حذيفة الفا و خمس مئة رجل- قبل عام الحديبية، كما و كانت هناك كتابة دواوين الجيوش، و من يتعين خروجه في المغازي[1] و ما إلى ذلك ..
فهل كان كل ذلك يكتب على العسب، و الاكتاف، و اللخاف المتفرقة؟! ..
أم أنها كانت مرتبة و محفوظة، على شكل كتب، يسهل تناولها، و الرجوع إليها كلما مست الحاجة إلى ذلك؟!.
رابعا: هذا .. و لا يفوتنا هنا التنبيه إلى: أن الزركشي، الذي تبع الحاكم[2]، و قبل بالجمع في عهد النبيّ (ص)، بعد أن قيده بالبعض في
[1] راجع ذلك مع مصادره في كتابنا: السوق في ظل الدولة الاسلامية ص 68.
[2] راجع: مستدرك الحاكم ج 2 ص 229، فانه اطلق قوله بالجمع في زمن النبيّ( ص) و لم يقيده.