نعم، إن ذلك كله يعطي أن اللّه سبحانه قد أفاض على الإنسان وجودا إنسانيا كامل الخصائص و المزايا. لكنّ الإنسان هو الذي ينحطّ عن درجات إنسانيته و عن تقويمه الأحسن، و يبدأ بخسران مزاياه، و خصائصه الإنسانية، بسبب أعماله بالتدريج. و قد ينتهي به الأمر إلى أن يخسرها جميعها، فيصبح كالأنعام، بل أضل.
أما المؤمن الصالح، فهو يحفظ ذلك كله بكل وجوده، و لا يفرط فيه، رغم كل ما يواجهه من مصاعب و أخطار .. و لو أنّه أخفق في بعض الحالات، فإنّه سيحاول أن يستعيد ما فقده، و يرمّم ما خرّبه، و يسد الثغرة و الخلل العارض بسبب تلك النزوة العارضة.
و لعل هذا هو الذي عناه اللّه بكلمة: «الإنسان» في قوله: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ .... و بيّن أنّه حين يتعرّض للنشوء و للوجود .. فإنه سيكون في جميع مراحل وجوده، و في كل مستويات نشأته و حالاتها، مذكورا عند اللّه سبحانه، و محلا لألطافه و عناياته ..
«حين من الدّهر»:
و قد يسأل سائل: لم لم يقل: هل أتى على الإنسان حين، أو وقت، لم يكن شيئا مذكورا؟!. فما هو وجه الحاجة لكلمة: «من الدّهر» يا ترى؟!