و في كليهما استعمل اللّه تعالى مصطلحات الإنسان بما هو إنسان ..
لا الأصولي، و لا النحوي، و لا الفيلسوف .. و لأجل ذلك تجد أن المجازات و الأمثال و نحوها موجودة لدى البشر جميعا. و هي شديدة التقارب. لكونها تعبر عن حالاته البشرية و الفطرية.
كما أنك حين تريد أن تخاطب الناس، فلا بد أن تخاطبهم باللغة التي تفرضها فطرتهم و إنسانيتهم، و لا تخاطبهم بلغة فئة خاصة، قد لا يعرف الكثيرون عن مصطلحاتها الشيء الكثير، فلا مجال لمخاطبتهم بلغة أهل العرفان مثلا، أو أية فئة خاصة أخرى .. و لأجل ذلك، كانت اللغة المعتمدة هي اللغة العامة التي تعتبر من المشتركات الإنسانية، ما دامت تعتمد الألفاظ المعبرة عن المعاني الفطرية ..
و قد أراد الإسلام أن تكون لغته هي ذلك المشترك الإنساني العام، فاختار اللغة العربية، لتكون لغة الصلاة، و التسبيح، و القرآن، و غير ذلك ..
لأن الإنساني هو اللغة و ليس هو المصطلح، و لأجل ذلك تشابهت المجازات، و الأمثال، و الاستعارات، حتى كأنك تظن أنها أخذت من لغتك، و الحقيقة هي أنها إنما كانت كذلك، لأنها نتاج حركة الفطرة، و العقل، و المشاعر في الحياة، و هذه الأشياء واحدة لدى البشر جميعا، فجاءت المعاني متشابهة، و إن اختلفت الحروف، و الأصوات التي اختيرت لحمل تلك المعاني .. لأن اللغة بمعنى الحروف و الأصوات قد فرضت على الإنسان في مرحلة اللاوعي، أما المعاني فليست كذلك.
و لأجل ذلك تجد أن الكل يصف الشجاع بأنه أسد .. و يكني عن الكثرة بالبحر، و عن السعة بالصحراء .. و .. و الخ .. و إن اختلف الحروف التي عبرت عن الأسد، و عن البحر، من لغة إلى أخرى.