فكان جوابه: لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره اللّه، أو أهلك فيه ما تركته[1].
و لكن ما يرون أنه مشكلتهم الحقيقية هي أنهم يريدون أن يكون لهم القرار في أي تصرف، و لا يريدون أن يكونوا مسؤولين عن شيء و لا مطالبين بشيء .. فيوم القيامة هو الذي يخيفهم، و يرعبهم، فكان أن أنكروه بشدة، و عناد، و استكبار. لأن الاعتقاد بيوم القيامة يقيد حرياتهم ..
و يفرض عليهم التعامل مع الآخرين بالإنصاف و العدل. و يتطلب منهم الانقياد لنظام عملي، و تقديم حسابات، و يشعرهم بالرقابة .. و أن قرارهم لا يرجع إليهم.
و هذا لا ينسجم مع طموحاتهم، لأن جعل العقاب في الآخرة .. يركز في الإنسان الإحساس بأنه لا خلاص له منه، و لا مناص له عنه، إلا بالتوبة، أو بالشفاعة، إن كان ممن يستحقها .. خصوصا مع كون هذا الحساب و ذلك الجزاء بالثواب أو بالعقاب، من المالك القادر القاهر، و العالم بكل شيء ..
و هذا لا يناسب أهل الأهواء، و لكنه يناسب المؤمنين، و يهيء لهم حياة مطمئنة، لها قانون، و لها نظام، و تخضع لضوابط ..
إيمان أم خوف؟!
و يلاحظ: أنه تعالى قد ذكر الخوف من يوم كان شره مستطيرا، و لم
[1] الغدير ج 7 ص 359 و تاريخ الطبري ج 2 ص 67 و البداية و النهاية ج 3 ص 63 و السيرة النبوية لابن هشام الحميري ج 1 ص 172، و السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 474.