أن كلمة «كان» تدل على الكينونة و التحقق. و لا شك أن إفهام هذه الكينونة للأبرار، و من يريد اللّه تعالى أن يهديهم سبيل الأبرار مطلوب و محبوب، أي أنه يريد أن يقول لهم: إن هذا المزاج ليس أمرا عارضا، يمكن أن يزول و يتخلف، بل هو أمر داخل في كينونة تلك العين، و في عمق حقيقة ما يحويه ذلك الكأس ..
و لأجل ذلك جاءت كلمة «عينا» .. لتؤكد على أن هذه الكأس لا تقبل النضوب، بل هي عين تتفجر، و المزاج الكافوري داخل في حقيقة تلك العين، و تلك الكأس، و في كينونتها و وجودها ..
و كلمة «كان» هنا .. هي نظير كلمة «كان» الواردة في قوله تعالى:
كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً،* حيث تفيد ثبوت ذلك و تحققه بصورة لا تقبل التغير و التبدل.
«مزاجها كافورا»:
و يبقى سؤال: لماذا قال: «مزاجها كافورا»، و لم يقل: «مزجت بكافور»؟.
و يمكن أن يكون الجواب: هو إرادة بيان هذه الكينونة، و الأصالة، و الثبات للمادتين الممتزجتين، و أن المزاجية أيضا قد جاءت في أصل التكوين و النشأة ..
و لو أنه قال: مزجت، لكان المزج عارضا على أمرين كانا منفصلين بالأصالة، و ليس للتمازج أصالة في نفسه. مع أن المقصود هو بيان أن التمازج أصيل في نشأة هذه الحقيقة القائمة فيما يشربونه من هذا الكأس.
و الخلاصة: أن المراد هو إفهامنا: أن الأصالة للمزاج و للممزوج، و ليست للممزوج وحده ..