و قد قال تعالى: فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ[1].
و قال: وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ[2].
و بذلك يتضح: أن «أل» في كلمة «السّبيل» جنسية، أي أنه تعالى قد بيّن سبيل الغي و الضلال، الذي لا يوصل، بواسطة بيانه للسبيل المستقيم الموصل، فأصبحت السبل واضحة، و عليه هو أن يختار.
لماذا بدون فاء التفريع؟:
و يبقى سؤال: لماذا لم يقل اللّه تعالى: «إِمَّا شاكِراً». مع فاء التفريع، بل قال: إِمَّا شاكِراً؟! ..
و نقول: لعل السبب في ذلك: أنه تعالى يريد أن يبرز عنصر القصد و الاختيار و الإرادة، فكأنه قال: قد دللتك، و لك الخيار، في أن تفعل، و أن لا تفعل، فأنت الذي تقرر و تختار، و تبادر.
و لو أنه جاء بفاء التفريع فلربما يتخيل أن الشكر و الكفر يأتي كنتيجة طبيعية و حتمية الحصول، سواء أكان ذلك بسبب الغفلة عن الأمر، فينساق بعفوية إليه و بدون التفات، أم بسبب النسيان بعد الالتفات، أم بسبب العمد إلى الشكر و الكفر، ثم يتكرر منه فعل الكفر، حتى يصير كفورا ..
السميعية و البصيرية لا تغني عن الهداية:
و قد يقال: إذا كان اللّه قد جعل الإنسان سميعا بصيرا، فإنه لا يحتاج بعد إلى الهداية، و ذلك لأن سميعيته الفائقة، و كذا بصيريته سوف تجعلانه يلتفت لكل شيء، و يدرك كل ما حوله .. فلما ذا عاد فقال: إِنَّا