عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ، وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا[1]. فإن توراتهم تلك المحرّفة لم تتعرض ليوم القيامة أبدا. نعم قد تحدثت في مورد عن وادي الهلاك. و لذلك نجد أن اليهود عموما لا يعتقدون بيوم القيامة، و الذين يعتقدون به منهم فإنهم ليس لديهم بالأمر الواضح في مغزاه و مرماه و في تفاصيله. و لذا فإن اليهود يرون أن خسارتهم للدنيا لا يعوضها شيء، فكانت الدنيا كل همهم، و كانوا: أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ[2] مهما كانت تافهة و حقيرة.
ثم جاءت تعاليمهم لتزيد من غرورهم، و من إحساسهم بفرديتهم التي عبّر عنها القرآن بقوله: بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى[3]. فزاد ذلك من حبهم للدنيا، و زاد من كرههم لأهل الإيمان؛ لأنهم هم الذين تخلوا عن خصوصياتهم الفردية ليذوبوا في المجتمع، و ليكونوا قوة حقيقية يخشاها اليهود أشد الخشية، و لذلك عادوها أشد العداء حتى أكثر من عداء المشركين. و لذلك ذكرهم اللّه قبل أن يذكر المشركين: