بنائهم في الفقه على التسامح في أدلة السنن، و قد عرفت: أنّ ظاهر العنوان لا ينطبق إلّا على القول بإلقاء شرائط الحجية في الخبر القائم على استحباب الشيء.
هذا ملخّص الكلام في مسألة التسامح في أدلة السنن. و قد ذيّلها الشيخ (قدس سره) بتنبيهات قد تعرض لجملة منها شيخنا الأستاذ (مد ظله) و لكن حيث لم تكن بتلك المثابة من الأهمية طوينا الكلام فيها، من أراد الاطلاع عليها فليراجع رسالة الشيخ (قدس سره) التي صنّفها في خصوص هذه المسألة.
التنبيه الثاني:
في جريان البراءة عند الشك في الواجب التعييني و التخييري.
و الشك في ذلك يتصور على وجهين:
أحدهما: ما لو علم بوجوب الشيئين أو الأشياء و شك في كون كل منهما واجبا عينيا لا يسقط أحدهما بفعل الآخر، أو واجبا تخييريا يسقط كل منهما بفعل الآخر [1].
ثانيهما: ما لو علم بوجوب الشيء الخاصّ و توجه الخطاب نحوه و شك في شيء آخر في أنّه عدل لذلك الّذي علم وجوبه فيكون من أحد فردي الواجب التخييري؟ أو أنّه ليس بعدل ذلك بل هو مباح أو مستحب؟
و الشيخ (قدس سره) قد اقتصر- في التنبيه الثالث من تنبيهات الشبهة الوجوبية- على بيان حكم الوجه الثاني و لم يذكر حكم الوجه الأوّل في هذا
______________________________ [1] أقول: سيأتي (إن شاء اللّه تعالى) وجه التفصيل بين هذه الصورة و الصورة الثانية- في جريان البراءة و أصالة التخيير في هذه الصورة و جريان الاشتغال و أصالة التعيين في الصورة الثانية- عند تعرض «المقرّر» حكم هاتين الصورتين فيما بعد، و انتظر إن شاء اللّه تعالى.