حال الصغر قبل البلوغ، أو العدم قبل الوقت في الموقّتات، فانتظر ما يأتي في مبحث الاشتغال، فانّه قد استوفينا الكلام في ذلك بما لا مزيد عليه في ذلك المقام.
و قد استدل للبراءة بوجوه أخر لا تخلو عن ضعف، فلا يهمّنا التعرض لها و فيها ذكرناه كفاية.
فلنشرع في أدلة الأخباريّين
و قد استدلوا بالأدلة الثلاثة:
فمن الكتاب قوله تعالى: «فاتقوا اللّه حق تقاته»[1] و قوله تعالى:
«و اتقوا اللّه ما استطعتم»[2] و قوله تعالى: «و لا تقف ما ليس لك به علم»[3] فانّ الاقتحام في الشبهة ينافى التقوي المأمور بها. و كذا الحكم بالترخيص و جواز الاقتحام فيها قول بغير علم.
و لا يقال: إنّ الحكم بحرمة الاقتحام فيها أيضا قول بغير علم، فانّ الأخباريين لا يقولون بالحرمة، و إنّما قالوا بترك الاقتحام فيها لاحتمال الحرمة، فتأمّل.
و لا يخفى: أنّ الآيات الشريفة بمعزل عن الدلالة على مذهب الأخباريّين. أمّا آيات التقوي: فمع أنّها لا تدل على الوجوب، لا تنافي الاقتحام في الشبهة اعتمادا على حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان و اتّكالا على قوله صلّى اللّه عليه و آله «رفع ما لا يعلمون» و منه يظهر: أنّ القول بجواز الاقتحام ليس قولا بغير علم، لدلالة حكم العقل و الشرع على عدم استحقاق العقاب على التكليف الغير الواصل، فيكون القول بالجواز قولا عن علم.