بذلك في حقّ من يشكّ في عدالتهم أيضاً. فيختصّ نفوذه و اعتباره بمن يعرف عدالتهم فقط؛ لأنّ أصالة عدم الشرط تجري في حقّ الشاكّ و لا وجه لنيابة القاضي عنهم.
و أمّا حلّ المسألة بمعنى الجمع بين القول بكون العدالة شرطاً واقعيّاً و بين كون الإحراز عنده كاف لأنّه وظيفته، لا وظيفة طرفي الدعوى، و سرّه ما ذكرناه و ملخّصه أنّ القضاء هو عمل القاضي و ليس التكليف به متوجّهاً إلى كلّ مكلّف؛ لأنّ وجوب القضاء يتوجّه إلى من كان مأذوناً و جامعاً للشروط المعيّنة.
ففي هذه الصورة، يكون أمر القضاء متوجّهاً إلى الشخص المعيّن، فإذا أحرز الشرائط بنظره، قام بتكليفه و هو إصدار الحكم، و هذا الحكم موضوع لحكم الآخرين و هو حرمة ردّه و وجوب تنفيذه، و ذلك كأحد الاحتمالات الثلاثة التي أجاب بها الشيخ الأنصاري رحمه الله في النقوض الواردة للعلم التفصيلي المتولّد من العلم الإجمالي. و بهذا ينحلّ الإشكال من أساسه.
الأمر الخامس: في اشتراط العدالة أم مانعيّة الفسق
بمعنى: هل أنّ العدالة شرط، أم أنّ الفسق مانع؟
لا أظنّ أحداً يختار القول الثاني مع وجود الأدلّة الصريحة على ضرورة الأوّل، كقوله تعالى: «وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ»[1]. نعم، لا يصار إلى القول الثاني حتّى يتمسّك في موارد الشكّ بأصالة عدم المانع.
و أمّا قول الشيخ رحمه الله الذي اعتبر عدم ظهور الفسق، فهو لا من باب مانعيّة الفسق، بل إمّا من جهة أنّ ذلك طريق لإحراز العدالة- كما هو الأقرب- أو أنّ ذلك نفس العدالة.