النفوذ و قد صرّح به جمع كثير كالشيخ الطوسي و العلّامة و الشهيد الأوّل و المحقّق الأردبيلى و غيرهم رحمهم الله[1]. و لكنّ الكلام في أنّه هل ينفذ حكمه مطلقاً أم مشروط برضايتهما بعد الحكم؟
قال الشيخ الطوسي رحمه الله: «مسألة 40- إذا تراضى نفسان برجل من الرعيّة يحكم بينهما، و سألاه الحكم بينهما، كان جائزاً بلا خلاف، فإذا حكم بينهما لزم الحكم و ليس لهما بعد ذلك خيار. و للشافعي فيه قولان؛ أحدهما: أنّه يلزم بنفس الحكم، كما قلناه، و الثاني: يقف بعد إنفاذ حكمه على تراضيهما، فإذا تراضيا بعد الحكم، لزم. دليلنا: إجماع الفرقة على أخبار رووها ...»[2] و قال في المبسوط: «فإذا ثبت أنّه جائز فإذا نظر بينهما فمتى يلزم حكمه في حقّهما؟
قال قوم: بالرضا بما حكم به بعد حكمه و قال آخرون: يلزم حكمه بما يلزم به حكم الحاكم و هو إذا أمضاه هو عليهما ... فمن قال لا يلزم بمجرّد الحكم كان لكلّ واحد منهما الخيار ما لم يتراضيا به بعد حكمه فإذا تراضيا في ذلك الوقت لزم حكمه و هو الأقوى عندي؛ لأنّ عليه إجماعاً.»[3] أقول: و هذا الإجماع المدّعى في المبسوط كما ترى على خلاف الإجماع المدّعى في الخلاف، و إن كان الأوّل على الأخبار و الثاني على الحكم. و لكن مع هذا يجب رفع التنافر بينهما بتوجيههما، فلذا قال العلّامة رحمه الله بعد نقلهما: «و ما قاله الشيخ في الخلاف جيّدٌ. و كون الإجماع على لزوم الحكم بعد الرضا لا ينافي لزومه قبله.»[4]
[1]- كتاب الخلاف، المصدر السابق- قواعد الأحكام، ج 3، ص 419- الدروس الشرعيّة، ج 2، ص 66- مجمع الفائدة و البرهان، ج 12، ص 17- مفتاح الكرامة، ج 10، ص 2- الفقه الإسلامي و أدلّته، ج 6، ص 757.