و المفروض فيه أنّ المتداعيين رضيا بشخصين منصوبين بالنصب العامّ. فلتكن هذه الرواية مع رواية أبي خديجة دالّتين على أنّ قاضي التحكيم لا بدّ من أن يكون واجداً لشرائط القضاء و أن يكون حكمه مطابقاً للحقّ و العدل.
4- موثّقة داود بن الحصين عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «في رجلين اتّفقا على عدلين، جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف؛ فرضيا بالعدلين، فاختلف العدلان بينهما؛ عن قول أيّهما يمضى الحكم؟ قال عليه السلام: ينظر إلى أفقههما و أعلمهما بأحاديثنا و أورعهما، فينفذ حكمه و لا يلتفت إلى الآخر.»[1] و هذه لا تنافي التحكيم بل تدلّ على تقديم صاحب المزيّة على الآخر في مقام التعارض.
و لعلّ هذه قطعة من رواية المقبولة بقرينة كون الراوي عن عمر بن حنظلة فيها داود بن الحصين و لتشابه الألفاظ و المعاني و لكنّه لم يذكر في هذا السند اسم عمر بن حنظلة.
و دلالتها في المقام بنحو ما مرّ في المقبولة. و نحوهما رواية موسى بن أكيل[2] إلّا أنّها ضعيفة السند لجهالة ذبيان بن حكيم.
5- صحيحة الحلبي قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ربما كان بين الرجلين من أصحابنا المنازعة في الشيء فيتراضيان برجل منّا فقال: ليس هو ذاك، إنّما هو الذي يجبر الناس على حكمه بالسيف و السوط.»[3] بتقريب أنّ السائل يظنّ أنّ القضاء مختصّ بالأئمّة عليهم السلام و ليس لأحد سواهم؛ لردّهم عليهم السلام عن المراجعة إلى غيرهم و أجابه الإمام عليه السلام أنّ الصفات التي اشترطناها في القاضي إنّما هي مختصّة بالقاضي المنصوب الذي له السلطة و الاقتدار لا قاضي التحكيم الذي يتراضيان به.
6- روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال: «من حكم بين اثنين تراضيا به فلم يعدل بينهما، فعليه
[1]- وسائل الشيعة، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، ح 20، ج 27، ص 113.