responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حب علي بن ابي طالب عليه السلام و آثاره الدنيوية و الاخروية المؤلف : أبو معاش، سعيد    الجزء : 1  صفحة : 291

مجتهداً، فقال: يا أمير المؤمنين، صِف لي المؤمنين كأني أنظر اليهم. فتشاغل أميرالمؤمنين عليه السلام عن جوابه ثم قال:

يا همام اتق اللَّه وأحسن فانّ اللَّه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

فقال له همام: أسألك بالذي اكرمك وخصّك وحباك وفضّلك بما آتاك لما وصفتهم لي.

فقام اميرالمؤمنين عليه السلام على رجليه، فحمد اللَّه وأثنى عليه وصلى على النبي وأهل بيته صلوات اللَّه عليهم، ثم قال:

أما بعد: فان اللَّه خلق الخلق حين خلقهم، غنيّاً عن طاعتهم، آمناً من معصيتهم، لأنه لاتضرّه معصية من عصاه، ولا تنفعه طاعة من أطاعه منهم، فقسَّمَ بينهم معايشهم ووضعهم من الدنيا مواضعهم، وانما أهبط آدم اليها عقوبةً لما صنع، حيث نهاه اللَّه فخالفه، وامره فعصاه، فالمؤمنون فيها هم أهل الفضائل، منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، خضعوا للَّه بالطاعة، فمضوا غاضّين ابصارهم عما حرّم اللَّه عليهم، واقفين اسماعهم على العلم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت في الرخاء، رضى عن اللَّه بالقضاء، لولا الآجال التي كتب اللَّه لهم، لم تستقرّ ارواحهم في أجسادهم طرفة عين، شوقاً الى الثواب وخوفاً من العقاب، عظم الخالق في أنفسهم وصغر مادونه في أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها، فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون، قلوبهم محزونة، وحدودهم مأمونه، وأجسادهم نحيفة وحوائجهم خفيفة وأنفسهم عفيفة، ومعونتهم في الاسلام عظيمة، صبروا أياماً قصاراً أعقبتهم راحة طويلة، تجارة مربحة يسرّها لهم ربّ كريم، ارادتهم الدنيا فلم يريدوها، وطلبتهم فاعجزوها.

اسم الکتاب : حب علي بن ابي طالب عليه السلام و آثاره الدنيوية و الاخروية المؤلف : أبو معاش، سعيد    الجزء : 1  صفحة : 291
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست