فلقد استدعى معاوية بسر بن أبي أرطأة([219]) ووجهه إلى الحجاز واليمن وقال له: سر حتى تمر بالمدينة فاطرد الناس وأخف من مررت به، وانهب أموال كل من أصبت له مالاً ممن لم يكن يدخل في طاعتنا، فإذا دخلت المدينة، فأرهم أنك تريد أنفسهم، وأخبرهم أنه لا براءة لهم عندك ولا عذر حتى إذا ظنوا أنك موقع بهم فاكفف عنهم([220])، ولا تنزل على بلد أهله على طاعة علي إلا بسطت عليهم لسانك حتى يروا أنهم لا نجاة لهم [منك] وأنك محيط بهم، ثم اكفف عنهم وادعهم إلى البيعة لي، فمن أبى فاقتله، واقتل شيعة علي حيث كانوا ([221]).

وبعد أن آلت إليه الخلافة كتب إلى عماله في جميع البلدان: " انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب علياً وأهل بيته، فامحوه من الديوان ولا تجيزوا له شهادة" ([222]).

وفي كتاب آخر: " من اتهمتموه ولم تقم عليه بينة [أنه منهم] فاقتلوه"([223]). وقد أجمل الإمام أبو جعفر محمد بن علي الباقر (ت124هـ) عليه السلام

[219] بسر بن أبي أرطأة بن عويمر بن عمران، ينتهي نسبة إلى النضر بن كنانة، قرشي، ولد بمكة قبل الهجرة، وأسلم وهو صغير، وأرسله عمر بن الخطاب مع من أرسل مدداً إلى ابن العاص لفتح مصر ثم كان من رجال معاوية الأشداء ولي قيادة جيشه إلى عدة مواضع، توفي بدمشق وقيل بالمدينة عام 86هـ. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج7، ص287؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، ص158؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج3، ص409؛ الزركلي، خير الدين (ت1410هـ)، الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، ط5، (دار العلم للملايين: بيروت، 1980م)، ج2، ص23.

[220] الثقفي، الغارات، ج2، ص 600؛ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج2، ص7.

[221] الثقفي، الغارات، ج2، ص 600؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج34، ص9.

[222] الهلالي، سليم بن قيس (ت 76هـ)، كتاب سليم بن قيس الهلالي، تحقيق: محمد باقر الأنصاري الزنجاني الخوئيني، (د.ط: د.ت)، ص238.

[223] الهلالي، كتاب سليم بن قيس الهلالي، ص238.