اسم الکتاب : تاريخ الفقه الامامي: من البداية الى القرن الثامن الهجري المؤلف : المدوح، مرتضى جواد الجزء : 1 صفحة : 212
النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أما خصوصاً
أو عموماً أو تصريحاً أو تلويحاً»([283]).
فالشيخ الطوسي أوّل من عالج الفقه
الاستدلالي مشروحاً ومبسّطاً في كتابه - المبسوط - وهي حركة راشدة استطاع من
خلالها أن يحقق هدفين في آن واحد:
أحدهما: إثبات قدرة الفقه الشيعي على مسايرة
الزمن، بالرغم من تحفظه بالنسبة إلى اجتهاد الرأي (القياس والاستحسان) وذلك لإمكان
الإفتاء على أساس الاجتهاد المتحفظ (اجتهاد النص) لا اجتهاد الرأي.
وثانيهما: إثبات أن الفقه الشيعي
بالرغم من إصراره وثباته على اجتهاد النص، وتحفظه من إدخال عناصر استحسانية عقلية
ظنية إلى مجال الاستنباط فإنه يستطيع أن يسبق الفقه الآخر في هذا المضمار، فالفقه
الشيعي فقه ريادي... لم ينحرف عن أصوله العلمية التي تبنّاها وشيَّد أسسها الأئمة
الأطهار خلال ثلاثة قرون من الممارسة الفقهية الدائبة تحت إشرافهم وتوجيههم المباشر([284]).
فالشيخ الطوسي قد وظف الأحاديث
المروية عن الأئمة عليهم السلام والتي تتضمن الأصول المهمة للأحكام، وقام بتفريع
الفروع على تلك الأصول وقد أقر الشيخ الطوسي في مقدمة المبسوط بأن الإمامية لم
يكونوا يفرعون الفروع على الأصول إلى زمانه، وكانوا يقفون عند النصوص التي وصلت
إليهم من المتقدمين ومن المحدثين: يقول: «وكنت على قديم الوقت وحديثه متشوق النفس
إلى عمل كتاب يشتمل على ذلك - التفريع على الأصول - تتوق نفسي إليه، فيقطعني عن
ذلك القواطع... ويضعف نيتي قلة رغبة هذه الطائفة فيه، وترك