المجال الثاني: تطبيق منهج الاستنباط الفقهي

لم يكتفِ الشيخ الطوسي بتدوين القواعد الأُصولية، وتوفير أدوات الاستنباط الأُخرى اللازمة لتقنين عملية الاستنباط وإنما سعى وبذل جهوداً كبيرة لتطبيق المنهج الاستنباطي على أُسس عملية دقيقة، لأن توفير أدوات الاستنباط - لوحدها - لا تكفي للاستنباط والتفقه في الدين بشكل اجتهادي، بل لابد من التطبيق العملي لمنهج الاستنباط أيضاً وهذا ما قام به الشيخ الطوسي في - تهذيب الأحكام - حين قرر شرح كتاب (المقنعة) للشيخ المفيد، شرحاً استدلالياً ينحو باتجاه إثبات الآراء الفقهية الواردة في المقنعة أو إثبات آرائه الفقهية، لذا فتهذيب الأحكام ليس كتاباً حديثياً محضاً([281]).

أما مشكلة الأخبار المتعارضة فقد عالجها الشيخ الطوسي في كتاب الاستبصار. وبهذا وفرّ الشيخ الطوسي للفقيه كل أدوات الممارسة الفقهية الاجتهادية نظرية وتطبيقاً، وهذه خطوة كبيرة وعملاقة في مجال الفقه الاجتهادي، خرج من خلالها الفقه الإمامي الشيعي عن حدود استعراض السنة ونقل الحديث إلى المجال الأوسع والأعمق.

المجال الثالث: التوسع في بيان المسائل الفرعية الفقهية

للشيخ الطوسي إنجازات كبيرة في مجال توسعة مجال الاستنباط الفقهي المبتني على القواعد العامة للاستنباط، واستخدام القواعد المشتركة في تفريع الفروع على الأصول.

ومن خلال ملاحظة الفترة الزمنية التي سبقت الشيخ الطوسي، والآثار

[281] المصدر السابق، 181.