الرابعة: ظهور كتب الفقه المقارن، ورد الشبهات المثارة ضد الفقه الشيعي

لقد اهتم أصحاب الأئمة بالفقه المقارن، أو ما كان معروفاً بفقه الخلاف، كما ورد في بعض النصوص الروائية، إلا أن هذا الاهتمام كان محدوداً على موارد التقية وأمثالها، إذ لم تبرز جلياً المذاهب الفقهية المتنوعة، ولم تكن هناك مدونات في مجال الفقه المقارن. وفي بداية القرن الخامس، نلاحظ بدايات الاهتمام بالفقه المقارن، فالمفيد والمرتضى قد دوّنا مسائل من الفقه المقارن بين المذهب الشيعي وسائر المذاهب الإسلامية، كما نلاحظ ذلك في كتابي الانتصار والناصريات للمرتضى والإعلام للمفيد.

ومن خلال تدوين الفقه المقارن برز الفقه الإمامي والأبحاث الاستنباطية بصورة جلية واضحة، وأجيب عن كثير من الشبهات المثارة من قبل علماء العامة حيث كان الفقه الإمامي مورد نقد وتقريع من قبل هؤلاء العلماء.

الخامسة: وجود مبانٍ أصولية تحد من انطلاق الاجتهاد الاستدلالي

رغم التطور الذي شهده الاجتهاد الاستدلالي وعمليات الاستنباط الفقهي في هذه المرحلة، إلا أن الملاحظ وجود مبانٍ أصولية عند بعض أعلام هذه المرحلة تحد من انطلاق الفقه الاستدلالي الاستنباطي بشكل واسع. ومن هذه المباني الأصولية:

أ - ظاهرة إدانة العمل بأخبار الآحاد

كما هو مبنى السيد المرتضى وغيره من أعلام هذه المرحلة، ومن الواضح أن أغلب الأدلّة وأكثرها تداولاً بين الفقهاء هي الروايات الحاكية عن السنة،