2- العلاج التفصيلي

اعلم أنّ الإنسان قد يعجب بالأسباب التي بها يتكبر، وقد يعجب بما لا يتكبر به كعجبه بالرأي الخطأ الذي تزين له بجهله ويكون كالاتي:

1- أن يعجب ببدنه في جماله وهيأته وصحته وقوته وتناسب أشكاله وحسن صورته، وعلاجه التفكر في اقذار باطنه وفي أول أمره وما إليه يكون، وفي الوجوه الجميلة والأبدان الناعمة كيف تمزقت في التراب واستقذرها طباع أولى الألباب([847]).

2- البطش والقوة كما حكي عن قوم عاد حين قالوا فيما أخبر الله عنهم. (قَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)([848])‌ وكما اتكل عوج على قوته وأعجب بها فاقتلع جبلاً ليطبقه على عسكر موسى (عليه السلام) فثقب الله تعالى تلك القطعة من الجبل بنقر هدهد ضعيف المنقار حتى صارت في عنقه وقد يتكل المؤمن أيضاً على قوته كما روي عن سليمان عليه السلام أنّه قال‌: ‌ لأطوفن الليلة على مئة امرأة‌!‌ ولم يقل إن شاء الله تعالى فحرم ما أراد من الولد وكذلك قول داود عليه السلام‌: ‌ إن ابتليتني صبرت وكان إعجاباً منه بالقوة فلما ابتلي بالمرأة لم يصبر‌. ‌ ويورث العجب بالقوة الهجوم في الحروب وإلقاء النفس في التهلكة والمبادرة إلى الضرب والقتل لكل من قصده بالسوء وعلاجه وهو أن يعلم أن حمى يوم تضعف قوته‌!‌ وأنّه إذا أعجب بها ربما سلبها الله تعالى بأدنى آفة يسلطها عليه‌.([849])‌

3- العجب بالعبادة والطاعة: وعلاجه أن يعلم أنّ الغرض من العبادة هو إظهار الذل والإنكسار وصيرورتهما ملكة للنفس ليحصل له معنى العبودية

[847] شبر, عبد الله: الأخلاق, ص199.

[848] سورة فصلت: آية: 15.

[849] الغزالي: احياء علوم الدين, ج3, ص364.