اسم الکتاب : سعيد بن جبير: شيخ التابعين وإمام القراء المؤلف : البياتي، سلام محمد علي الجزء : 1 صفحة : 126
وهذا يَعني أنّ سعيداً قد حَصَلَ على
أعلى درجات الإجازة لأن إجازة ابن عباس له في التحديث بين يديه (إجازة شفهية)([383])،
تأكيد كبير على ثقته بسعيد واعتماده عليه.
وينتقل سعيد من مرحلة التلمذة والتعلم
إلى مرحلة المشيخة والتدريس، حيث يرحل عن مكة عائداً إلى الكوفة لِيَتَبَوَّأ
مركزاً مرموقاً بين شيوخها.
ولم يتوقف ابن عباس عن
دعمه ورعايته والتعريف به وهو في الكوفة؛ نستدل على ذلك من قول ابن عباس لأهل
الكوفة لَمّا كانوا يقصدونه في مكة في مواسم الحج وغيرها ليسألوه عن بعض المسائل
الفقهية والتفسيرية: (تسألوني وفيكم ابنُ أمِّ دهماء)([384])
- وهو لقب لقبه به ابن عباس تحجباً -.
ويبلغ السؤدَدُ والعلم
بسعيد أن يتصدر إلى إمامة المصلين في الكوفة وهي مكانة ما كان يشغلها إلاّ مَنْ
كان من عيون العرب([385]).
وما أحسب أن حكامَ ذلك
العصر يسمحون لِمِثل هذا المولى الأسود أن يتبوأ هذه المكانة ويبلغ هذه المنزلة
الرفيعة لو لم يُحِطْ بما عجز عنه غيره من الإحاطة به من العلم من أقرانه في مِصْرٍ
مُهِمٍّ من أمصار الإسلام مثل (الكوفة) ولو لم يكن ثقة ثبتاً فقيها([386])،
باتفاق المسلمين على ذلك([387])، ولو لم يكن جليل
[383] الإجازات العلمية للدكتور عبد
الله الفياض: ص21.