يأمرنا بالتمسك برأس الذي هو خليفة الله ومن صفاته الإباء يقول الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف: (فلما رأوك ثابت الجأش غير خائف ولا خاش..)([42])، فلم يثني أبا الضيم عن هدفه الإصلاحي كثرة الجيوش والخوف من رؤوس القوم وجماجمهم وهذا المبدأ يجب أن ننقله إلى الأجيال اللاحقة بكل دقة وأمانة فلا تراجعوا تخاذلاً عن الأهداف السامية وقد كان إباؤَهُ درساً خالداً.

والإباء صفة لاصقة لأهل البيت عليه السلام عموماً وكان الرمز الحسين عليه السلام، وتكفي كربلاء شاهداً على إبائه وعزة نفسه يقول ابن أبي الحديد: (سيد أهل الإباء الذي علم الناس الحمية والموت تحت ظلال السيوف، اختياراً على الدنية، أبو عبد الله الحسين بن علي عليه السلام عرض عليه الأمان وأصحابه فأنف من الذل فاختار الموت على ذلك)([43])، وهذا هو الإباء العقائدي وهو هدف سام لاينهض به إلا أصحاب الهمم العالية والنفوس المطمئنة حتى يصل إلى الأجيال اللاحقة بصورة مشرقة، ومن صور الإباء التربوي والأخلاقي أنَّه ضاق عليه الأمر فركبه دين فاغتنمه معاوية فكتب إليه وأرسل مائتي دينار يريد أن يشتري بها عينة أبي نيزر([44]) التي

[42] بحار الأنوار: 22/269-274 زيارة الناحية المقدسة, مقتل العوالم: 330.

[43] شرح نهج البلاغة: 3/249.

[44] أبي نيزر: قيل إنَّه من ملوك العجم, وقيل من ولد النجاشي وهو المشهور, قال المبرد: أنه من ولد النجاشي, رغب في الإسلام صغيراً فأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبقي معه حتى التحق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالرفيق الأعلى, تحول إلى دار فاطمة الزهراء وأولادها وذكر أنه لما مات النجاشي جاء إليه أهل الحبشة ليقيموه ملكاً عليهم, فقال: ساعة أخدم بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خير من أن أكون ملكاً عمري كله, ظ: الكامل: 3/208-209. وخلف ولداً اسمه (نصر) بقي مع أمير المؤمنين (عليه السلام) وأولاده ثم خرج مع الحسين (عليه السلام) واستشهد في الحملة الأولى: ظ: الكنى والألقاب, القمي: 1/171, أبصار العين, السماوي: 97, فرسان الهيجاء, المحلاتي: 2/172, مقتل الحسين عليه السلام وأنصاره د. نجاح الطائي: 304.