اسم الکتاب : الإمام الحسين بن علي في الشعر العراقي الحديث المؤلف : يوسف، علي حسين الجزء : 1 صفحة : 52
والحقيقة أنَّ ما جرى في كربلاء على أهل بيت النبي، أشد قسوة مما يذكره الشعراء،
لكن الوجه الآخر للمشهد الحسيني في ذلك اليوم كان أكثر إشراقاً، وأعذب رواية،
فالحسين (عليه السلام) على قلَّة أنصاره، وكثرة أعدائه تحدّى الخصم قائلاً:
" لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر
لكم إقرار العبيد"([112]).
ثمَّ إنَّ هذا اللون من الرثاء لا يعكس الصورة الكاملة ليوم كربلاء، لذا
كان الاقتصار عليه من لدن الشعراء موضع رفض بعض الكتاب([113])،
لكنه في الوقت نفسه كان استجابة لما يتطلبه الموقف من إيقاعات خاصة، فإنَّ "
الإيقاع عنصر تأثيري فعال في الشعر الذي ينشد في المحافل العامة، ويتخذ طابع
القصائد الخطابية، ولذلك لا زلنا نحس بأنَّ القصيدة القائمة على وحدة البيت هي
القصيدة التي تصلح للإلقاء في المحافل، والتأثير في الجماهير "([114]).
وإذا ما أتينا إلى ما يتطلبه هذا النوع
من المراثي، نجد أنه يعتمد على جملة أمور، من أهمها أن يكون هناك جمهور مستمع في
الغالب، أو مفترض أحياناً، وأن يلقى بطريقة مؤثرة من خلال توظيف إمكانات الصوت
والانفعال المناسب، ولا بدَّ أن يكون الجمهور مهيئاً لتقبل الآراء والاتجاهات
الفكرية التي تتضمنها المراثي، وأن تكون تلك الأفكار والمعاني بمستوى الجمهور في
أغلب الأحيان، وهو الأمر الذي يتطلب من الشاعر أن يكون أشبه بالخطيب([115]).