علي بن أبي طالب بالفاروق، أو فاروق هذه الأمة، والذي سرق منه وأعطي لغيره، وبمعنى آخر قلبوه لصالح غيره، وتأمل في أمر النبي للمسلمين بسد الأبواب التي كانت شارعة في المسجد إلا باب علي، وكيف قلبوه إلى حديث سد الأبواب إلا خوخة أو باب أبي بكر، ولاحظ كيف قلبوا حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقوله لأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى)، إلى: (...أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى)، وغير ذلك الكثير الكثير، ولو قررنا استعراض هذه الأحاديث المقلوبة لما توقف بنا الحال عند حد معين.

وحديث (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) قد تعرض ولشديد الأسف إلى هذه العملية القذرة من القلب المتعمد لألفاظ الحديث، فصار بعد التلاعب (أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة)، وهو لا يحتاج إلى بيان ولا إلى نقض فرائحة وضعه قد أزكمت الأنوف، ويكفي أن تقيسه بما سبق من الأحاديث الموضوعة لتعرف حقيقته، وسبب إيجاده، وعلة اختلاقه.

ولكننا ومع ذلك ولكي تتم الحجة على من لا يعلم سنقدم بعض الإيرادات على هذا الحديث المختلق، والتي منها:

أولا: الجنة ليس فيها شيوخ بإجماع المسلمين وأهل الجنة شباب جرد مرد كما ورد في الحديث

من أقوى ما اعترض به على هذا الحديث هو مخالفته للمتعارف عند المسلمين، لان المسلمين قديما وحديثا استقرت عقيدتهم على أن أهل الجنة شباب لا يهرمون ولا يكبرون ولا يموتون ولا عنها يرحلون، وان عمر الإنسان مقسم إلى ثلاث مراحل، كما هو واضح من قوله تعالى: ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ