اسم الکتاب : فضائل أهل البيت عليهم السلام بين تحريف المدونين وتناقض مناهج المحدثين المؤلف : البلداوي، وسام الجزء : 1 صفحة : 35
ولكن هذا
الوضع المتخلخل للدولة الحاكمة قد تغير شيئا فشيئا إلى أن استقر في أيام عمر بن
الخطاب، لأسباب ليس هاهنا محل تفصيلها، فخرجت فكرة محو تدوين السنة من نطاقها
الضيق والمحدود، لتصبح في زمن حكومة عمر بن الخطاب قانونا يسري على الجميع بلا أدنى
تهاون أو استثناء، لذلك اشتهر أمرها ونقلها لنا بروايات متعددة رواة متعددون، ومن
هذه الروايات:
الشاهد الأول: حديث عروة بن الزبير
روى الخطيب البغدادي في (تقييد العلم) عن عروة بن الزبير:
(أن عمر بن الخطاب، أراد أن يكتب السنن، فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله صلى الله
عليه ــ وآله ــ وسلم، فأشاروا عليه أن يكتبها فطفق عمر يستخير الله فيها شهرا، ثم
أصبح يوما وقد عزم الله له، فقال: إني كنت أردت أن أكتب السنن وإني ذكرت قوما كانوا
قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله تعالى، وإني والله لا ألبس كتاب الله
بشيء أبدا)([38]).
الشاهد الثاني: عن الزهري عن عروة بن الزبير
ونقل الخطيب البغدادي أيضا عن
الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير: (أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستشار فيها
أصحاب رسول الله صلى الله عليه فأشار عليه عامتهم بذلك فلبث عمر شهرا يستخير الله في
ذلك شاكا فيه ثم أصبح يوما وقد عزم
الله له فقال إني قد كنت ذكرت لكم من كتابة السنن ما قد علمتم ثم تذكرت فإذا أناس من
أهل الكتاب قبلكم قد كتبوا مع كتاب الله كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله وإني والله
لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا فترك كتابة السنن)([39]).