الاتجاه الأمني للنبي صلى الله عليه وآله وسلم

إنّ من أهمّ المشاكل التي واجهت البشر منذ الماضي السحيق وحتى عصرنا الحاضر، هو الأمن، فالبشرية في الوقت الحاضر تعاني من هواجس فقدان الأمن النفسي والفردي والسياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي والإقليمي والدولي.

ويمكن بيان الخطوط العريضة لسيادة الأمن على مختلف الأصعدة من خلال بيان السيرة الأمنية للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، لا سيّما أن سيرته الفردية والاجتماعية تعد معياراً وقدوةً، ولها القابلية على الإجابة عن إشكالية الأمن لدى الإنسان المعاصر، بل لا مناص أمام البشر سوى التمسك بالتعاليم النبويّة بغية الوصول إلى الأمن والطمأنينة.

ومن خلال دراسة مباحث الأمن في السيرة النبوية بأبعادها الواسعة نصل إلى نتيجة مفادها: إنّ التهديد الذي يواجه أمن الإنسان والمجتمع هو تهديد ذاتي[115]، فظلم النفس وظلم الآخرين من التهديدات والعقبات الذاتية، ومن اللازم إجهاض التهديدات بشتى أنواعها، وإلى ذلك إشارت الروايات الشريفة حول الجهاد الأكبر والأصغر؛ إذ من أهم المبادئ التي استحوذت على اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم في استتباب الأمن هي الابتعاد عن التعصب عند مواجهة

[115] وذلك باعتبار أن القلق النفسي للشخص ينعكس بصورة غير مباشرة على المجتمع الذي يعيش في ضمنه، باعتبار أن المجتمع مكوّن منه ومن غيره، فإذا سادت حالة من القلق والاضطراب النفسي على بعض أفراده، فإنّ ذلك يؤدي إلى انعكاسها على المجتمع، فيوجد حالة من الخوف وعدم الأمن النفسي في المجتمع، وقد يكون ذلك إثر ظلم الشخص لنفسه أو للآخرين.