عليه السلام قد أعد تكتيكا حربياً يتناسب مع هذه الكثرة من الناحية القتالية وفنون الحرب، وهو ما يعرف حديثاً بـ(إستراتيجية الهجوم غير المباشر)، كما سيمر لاحقا.

ثالثاً: اختياره للقيادات يظهر مدى معرفته برجاله على المستوى الإيماني والعسكري مما يجعل هذا التنظيم وحركته الحربية توازي جيشاً.

رابعاً: في تسليمه رايته أخاه أبا الفضل العباس عليه السلام فإنه اتبع في ذلك منهج أبيه أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لقادة جيشه فقال:

«وراياتكم فلا تميلوها ولا تُخلّوها، ولا تجعلوها إلاّ بأيدي شجعانكم والمانعين الذمار[93]) منكم، فإن الصابرين على نزول الحقائق هم الذين يخصون براياتهم ويكتنفون حِفَافيْها وراءها وأمامها، ولا يتأخرون عنها فيسلّموها، ولا يتقدمون عليها فيفردوها»[94]).

وهذا يكشف عن منزلة أبي الفضل العباس عليه السلام وما يتحلى به من سمات قيادية جعلته محلاً لحمل راية معسكر أخيه بما فيها من دلالات فكرية وعقدية وعسكرية.

باء: إستراتيجية العدو في التعبئة العامة وتنظيم الجيش

حينما بلغ عدد المقاتلين الذين خرجوا لقتال ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحجته على خلقه أكثر من ثلاثين ألفا، كان ذلك يتطلب

[93] الذمار: ما يلزم الرجل حفظه وحمايته من ماله وعرضه.

[94] وسائل الشيعة للحر العاملي: ج15، ص60.