كثيراً،
فقد وردت أولى طفيات الشاعر والتي نظمها سنة (377هـ) أي عندما كان في الثامنة عشرة
من عمره، بلغ طولها الأربعين بيتاً، استهلها بمقدمة يفتخر بها بنفسه ويشكو من ظرف
ألمَّ به:[68]
وقارئ هذه
الأبيات يحس بعمق غضب الشاعر على الأوضاع التي يواجهها كما يحس بعمق معاناته وحزنه
الشديد من خلال افتخاره بنفسه ومبالغته فيه كرد فعل عكسي لما يصيبه ويواجهه.
وإذا رجعنا
إلى هذه الحقبة من حياته نجدها "مرحلة عناءٍ وشقاء، إذ صرف أبوه من النقابة،
ثمّ اعتقل بعد سنتين اعتقله عضد الدولة، وسجنه في قلعة بفارس من سنة 270هـ إلى سنة
378هـ قضى الرضي مع أخيه وأمه ثمانية أعوام عجاف بالبؤس وعيش الكفاف، بما تبيعه
أمه من أملاكها وحليها… "[69] ومن الطبيعي أن تأتي قصائده متمثلة مشاعره
أكمل تمثل، ولعل تمرده على الوضع الذي هو فيه كان وراء تخليه عن مرتكزين مهمين في
بناء القصيدة، وهو عدم تصريعه مطلع القصيدة وتخليه عن المقدمة الطللية، وهذا مصداق
على فكرة "أنَّ الشكل الفني للقصيدة مرتبط بالنظام السياسي والفكري لعصر
الشاعر، فإن التمرد والخروج عليه يعني تمرداً وخروجاً سياسياً وثقافياً