اسم الکتاب : الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني المؤلف : الحجار، عدي الجزء : 1 صفحة : 283
فحيث كان القرض: اقتطاع جزء من المال
وإعطاؤه الغير على أن يرد بدلاً منه. فقوله: "يُقْرِضُ اللَّهَ" مجاز,
لأن الأصل في القرض أن يستعمل في الحاجة، وفي هذا الموضع يستحيل ذلك، ولذلك لابد
أن يلتجأ إلى كونه مجازاً[918].
ويكون المعنى المفاد من الآية التلطف
في الاستدعاء إلى أعمال البر[919],
وذلك كاستعمال لفظ "الاشتراء" في قوله تعالى:
فهو هنا على
سبيل المجاز، لأن المشتري في الحقيقة هو الذي يشتري مالاً يملك والله تعالى مالك
أنفسنا وأموالنا، فسماه شراء, فأجرى لفظه مجرى ما لا يملكه, استدعاء للثواب
وترغيباً فيه[921].
فلما جاز
اللفظ معناه الذي وضع له واستحال الالتزام ببقائه على وضعه الأول, عُدِلَ إلى معنى
آخر يحتمله المقام, وانتفى حينئذ عَنْ مُسَمَّيَاتِهِ فَهُوَ مَجَازٌ[922].
ثم أن لاستعمال
المجاز فائدة بلاغية, إذ «أن المجاز أبداً أبلغ من الحقيقة»[923],
فتنزيل العبد منزلة المالك والتعبير عن بذله بالقرض, تعظيماً, ولأن القرض يبدل
بالجزاء, ولأنّ جزاءه يكون بعد حين في الدنيا أو في الآخرة أو في كليهما, ولتأكيد
استحقاق الثواب به، إذ لا يكون قرض إلا والعوض مستحق به[924].