فَتَجعَلَ كَبيرَهُم بِمَنزِلَةِ والِدِكَ، و تَجعَلَ صَغيرَهُم بِمَنزِلَةِ وَلَدِكَ، و تَجعَلَ تِربَكَ مِنهُم بِمَنزِلَةِ أخيكَ! فَأَيُّ هؤُلاءِ تُحِبُّ أن تَظلِمَ؟! وأيُّ هؤُلاءِ تُحِبُّ أن تَدعُوَ عَلَيهِ؟! وأيُّ هؤُلاءِ تُحِبُّ أن تَهتِكَ سِترَهُ؟! فَإِن عَرَضَ لَكَ إبليسُ لَعَنَهُاللَّهُ بِأَنَّ لَكَ فَضلًا عَلى أحَدٍ مِن أهلِ القِبلَةِ، فَانظُر؛ إن كانَ أكبَرَ مِنكَ فَقُل: قَد سَبَقَني إلَى الإيمانِ وَ العَمَلِ الصّالِحِ فَهُوَ خَيرٌ مِنّي، و إن كانَ أصغَرَ مِنكَ فَقُل: سَبَقتُهُ إلَى المَعاصي وَ الذُّنوبِ فَهُوَ خَيرٌ مِنّي، و إن كانَ تِربَكَ فَقُل: أنَا عَلى يَقينٍ مِن ذَنبي و في شَكٍّ مِن أمرِهِ فَما لي أدَعُ يَقيني لِشَكّي، وإن رَأَيتَ المُسلِمينَ يُعَظِّمونَكَ و يُوَقِّرونَكَ و يُبَجِّلونَكَ فَقُل: هذا فَضلٌ أخَذوا بِهِ، و إن رَأَيتَ مِنهُم جَفاءً وَانقِباضاً عَنكَ فَقُل: هذا ذَنبٌ أحدَثتُهُ؛ فَإِنَّكَ إذا فَعَلتَ ذلِكَ سَهُلَ عَلَيكَ عَيشُكَ، و كَثُرَ أصدِقاؤُكَ، و قَلَّ أعداؤُكَ، و فَرِحتَ بِما يَكونُ مِن بِرِّهِم، و لَم تَأسَف على ما يَكونُ مِن جَفائِهِم.
وَ اعلَم أنَّ أكرَمَ النّاسِ عَلَى النّاسِ مَن كانَ خَيرُهُ عَلَيهِم فائِضاً، و كانَ عَنهُم مُستَغنِياً مُتَعَفِّفاً. و أكرَمَ النّاسِ بَعدَهُ عَلَيهِم مَن كانَ مُتَعَفِّفاً و إن كانَ إلَيهِم مُحتاجاً؛ فَإِنَّما أهلُ الدُّنيا يَتَعَقَّبونَ الأَموالَ، فَمَن لَم يَزدَحِمهُم فيما يَتَعَقَّبونَهُ كَرُمَ عَلَيهِم، و مَن لَم يَزدَحِمهُم فيها و مَكَّنَهُم مِن بَعضِها كانَ أعَزَّ و أكرَمَ.[357]
321. الإمام الصادق عليه السلام: ثَلاثَةٌ تورِثُ المَحَبَّةَ: الدّينُ، وَالتَّواضُعُ، وَالبَذلُ.[358]
322. الإمام العسكريّ عليه السلام: مَن كانَ الوَرَعُ سَجِيَّتَهُ وَالكَرَمُ طَبيعَتَهُ وَالحِلمُ خَلَّتَهُ، كَثُرَ صَديقُهُ وَالثَّناءُ عَلَيهِ، وَانتَصَرَ مِن أعدائِهِ بِحُسنِ الثَّناءِ عَلَيهِ.[359]
[357]. تنبيه الخواطر: 2/ 93، التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ عليه السلام: 25/ 8، بحار الأنوار: 71/ 229/ 6.
[358]. تحف العقول: 316، غرر الحكم: 4678 وفيه« السخاء» بدل« البذل»، بحار الأنوار: 78/ 229/ 4.
[359]. أعلام الدين: 314، بحار الأنوار: 78/ 379/ 4.