اسم الکتاب : المحبة في الكتاب و السنة المؤلف : محمدی ریشهری، محمد الجزء : 1 صفحة : 346
ب- خلافة اللَّه
إنّ
الحكمة من وراء خلق الإنسان هي خلافة اللَّه، كما قال تعالى: «وَ
إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً»[1611]،
والخليفة لابدّ أن تكون لديه القدرة على النهوض بأعمال مستخلفه، وقد قيل في هذا
المعنى: «العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة»[1612]،
وقد جاء في الحديث القدسي:
«إنَّ
اللَّهَ تَعالى يَقولُ في بَعضِ كُتُبِهِ: يَابنَ آدَمَ! أنَا حَيٌّ لا أموتُ،
أطِعني في ما أمَرتُكَ حَتّى أجعَلَكَ حَيّاً لا تَموتُ. يَابنَ آدَمَ! أنا أقولُ
لِلشَّيءِ: كُن فَيَكونُ، أطِعني فيما أمَرتُكَ أجعَلكَ تَقولُ لِلشَّيءِ: كُن
فَيَكونُ»[1614]
.
إنّ ما يضمن إيصال الإنسان إلى مقام خلافة اللَّه هو محبّته تعالى، كما قال بعض
أهل المعرفة- ما معناه-: «كما أنّ النار إذا سرت في الحديد، تجد الحديد يفعل ما
تفعله النار، كذلك إذا سرت محبّة اللَّه في قلب العبد يصبح قادراً على أن يفعل فعل
اللَّه بإذن اللَّه».
وكما
ورد في أحاديث التقرّب بالنوافل- وهي أحاديث نقلها الفريقان- أنّ الإنسان يتقرّب
إلى اللَّه بالنوافل خطوة بعد خطوة إلى أن يصبح خليقاً بنيل محبّة اللَّه، وعندئذ
يصبح اللَّه بالنسبة له بمثابة عينه واذنه ولسانه ويده ورجله وقلبه[1615].
وبعبارة
اخرى: أنّه يذوب في اللَّه ويبلغ مقام الفناء فيه، ويفقد عندئذ إرادته؛ فعينه
ترى ما يريده اللَّه، ولسانه يتكلّم بما يحبّه اللَّه، وهكذا أيضاً تعمل سائر
جوارحه وفقاً لإرادة اللَّه، والأهمّ من كلّ ذلك هو أنّ تفكيره يدرك ما يشاء له
اللَّه إدراكه[1616].
وفي
مثل هذه الحالة، يتّخذ الإنسان صبغة خلافة اللَّه، ويصبح مثلًا للَّه؛ وكلّما يريد
يتيسّر له بطلب من اللَّه وإذنه.