هذا الموقف النبوي المرتبط بالمشيئة الإلهية والوحي يلفت أنظارنا، ويلقي
على أسماعنا هذه الأسئلة المهمة لماذا لم يرخص لفاطمة (س) بتزويج نفسها؟ ولِمَ لم
يرخص لرسول الله’ (وهو
أبوها ونبيها) بتزويجها، والنبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ولماذا خص زواج فاطمة (س) بهذه
الميزة؟ فلابد وأن يكون هناك سر وحكمة إلهية، ترتبط بهذا الزواج. إن هذا السر
والاعداد لم يكن غامضاً، وهذه العناية لم تكن مجرد علاقة رحم وقرابة، فالأمر ذو
علاقة بحياة هذه الأمة، والعلاقة ترتبط بامتداد فرع النبوة والإمامة، فشاء الله أن
يزوج خيرة نساء هذه الأمة بخيرة رجالها.
فقد روي عن ابن عمير التميمي قال: دخلت مع عمي على عائشة فسئلت أي الناس
كان أحب إلى رسول الله’؟ قالت: فاطمة، قيل من الرجال؟ قالت: زوجها [423].
وروي عن أبي الحمراء أنه قال: رابطت في المدينة سبعة أشهر، فكان النبي’ يأتي
علياً وفاطمة كل غداة، فيقول: الصلاة، الصلاة، {إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيرًا} [424].
وروي عن ابن عباس قال: كنت أنا والعباس جالسين عند رسول الله’، إذ دخل علي بن أبي طالب فسلم، فرد
عليه رسول الله السلام، وقام إليه وعانقه