وهذه المزية الأخرى قد نالتها فاطمة بنت أسد وكان لها
وسام شرف خلد في صفحات التاريخ وهي أن يهتم النبي الأكرم بتجهيزها والصلاة عليها,
فقد ورد عن ابن عباس أن النبي’ صلى على فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علیه السلام صلاة لم
يصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة، ثم كَبَّرَ عليها أربعين تكبيرة، فقال له عمار:
لِمَ كبرت عليها أربعين تكبيرة يا رسول الله؟ قال: نعم يا عمار، التفت إلى يميني
فنظرت إلى أربعين صفاً من الملائكة فكبرت لكل صف تكبيرة[272].
النبي يدفن فاطمة بنت أسد
من الدلالات الساطعة على مكانة فاطمة بنت أسد عند الله وعند رسوله هي ما
رواه المؤرخون وأصحاب السير عند الفريقين وبطرق كثيرة وألسن مختلفة, أن النبي’ قام
بتجهيزها وأجرى عليها بعض الأمور ما لم يكن قد صنعها بأحد, كما ورد عن أبي عبدالله علیه السلام
قال لما ماتت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين جاء علي علیه السلام عند النبي فقال له رسول الله’
يا أبا الحسن مالك, قال: أمّي ماتت, قال فقال النبي’ وأمّي والله, ثم بكى وقال وا
أمّاه ثم قال لعلي علیه السلام هذا قميصي فكفنها فيه وهذا ردائي فكفنها فيه فإذا فرغتم
فأذنوني فلما أخرجت صلى عليها النبي’ صلاة لم يصل قبلها ولا بعدها على أحد مثلها,
ثم نزل على قبرها فاضطجع فيه, ثم قال لها يا فاطمة قالت لبيك يا رسول الله فقال
فهل وجدت ما وعد ربك حقا قالت نعم فجزاك الله جزاء وطالت مناجاته في القبر فلما
خرج قيل يا رسول الله لقد صنعت بها شيئاً في تكفينك ثيابك ودخولك في قبرها
[272]
وسائل الشيعة (آل البيت), الحر العاملي, ج 3 ص 82.