اسم الکتاب : محراب التقوى و البصيرة المؤلف : قاسم، عيسى احمد الجزء : 1 صفحة : 586
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي لا يعدله شيء
ملكاً وعدلًا، وجبروتاً ورحمةً، ومثوبةً وعقوبةً، وأخذاً وعفواً. أشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له. كل من دونه مملوك وهو المالك، يملك من كل شيء أمره،
ولا يملك أحد من أمره شيئاً أبداً. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وأشهد أن
محمداً عبده ورسوله، أرسله على فترة من الرسل فأحيا به دينه، وبعث به ملته. صلى
الله عليه وآله الهداة الميامين.
عباد الله أوصيكم ونفسي من قبلكم
بتقوى الله الذي لا إله إلا هو، ولا رب سواه، وأن لا يملك عليكم مشاعركم رعب
الدنيا وَرَهَبُها، ولا زينتها ورغَبُها، وأن لا يكبر في نفوسكم هولٌ ينسيكم جبروت
الله، وهو فوق كل جبروت، وأن لا يتعاظمكم أمر من أمور المخلوقين فيصرفكم عن عظمته،
وهي فوق كل عظمة، وهل الجبروت إلا له؟! وهل العظمة لأحد سواه؟! أعلموا عباد الله
بأن الدنيا بكل شرها وخيرها، وبما فيها من نعمٍ ونقم، ومتعة وألم، وصحة وسقم،
وأحداث ضخام، وأهوال جسام، وإنتصار وهزيمة لا ينبغي أن تصرف العاقل الحكيم عن أمر
الآخرة وهمّها، ومستقبل حياته فيها، وإنما شأن من رزقه الله الفهم والحكمة والوعي
والبصيرة أن يخوض غمار الدنيا ويتعامل مع خيرها وشرها وامنها وخوفها، وأحداث سلمها
وحربها، وشؤون اقتصادها واجتماعها وسياستها بهمّ الآخرة وحساباتها، فهو يسعى
لاصلاح شأنه في هذه الحياة، وبناء أمته، وتقدم وطنه، ونظره ممدود إلى الآخرة،
وخطوه مشدود إلى هدفها، وهمته متعلقة بها.
اللهم صل على نبيك المطهر، ورسولك
المكرم، ووليك الذي أيّدته، وعبدك الذي وفقته، وداعيك الذي سددته، محمد سيد الأولياء،
وخاتم الأنبياء. اللهم صل وسلم على من أخلص في نصرة دينك وأوليائك، واستقام على
طريق رسلك وأنبيائك، وبقي على مجاهدة أعدائك من محرفي الكتاب، وظلمة العباد علي بن
أبي طالب سيف الجهاد، ورجل
اسم الکتاب : محراب التقوى و البصيرة المؤلف : قاسم، عيسى احمد الجزء : 1 صفحة : 586