اسم الکتاب : محراب التقوى و البصيرة المؤلف : قاسم، عيسى احمد الجزء : 1 صفحة : 315
الخطبة الثانية
الحمد لله الولي الحميد الحكيم
المجيد، الفعال لما يريد، علام الغيوب، مدبر الأمور، لا يمتنع شيء أمام تقديره،
ولا يختلف شيء عن مقتضى تدبيره، ولا يستقل عنه شيء بصنع، ولا يستغني عنه شيء في
تقديره. ما يكون من خير ولا شر إلا بإذنه، وما تقطر السماء إلا بعلمه، وما تنبت
الأرض إلا بقدرته، وما تشهد من أمر إلا وكان في قدره. نحمده على ما كان، و نستعينه
من أمرنا على ما يكون، ونستغفره ونشهد به ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك
له، جبار فوق كل جبار، قهار يذعن لقهره كل قهار، ويستكين لقدره الأخيار والأشرار.
ونشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله مبلغاً وهاديا ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى
الله بإذنه وسراجاً منيراً، فمضى في أمر ربه كادحاً مجاهداً مخلصاً حتى أتاه اليقين
صلى عليه وآله الطيبين.
عباد الله اتقوا الله، وانظروا
بعين البصيرة إلى دروس الحياة وأصغوا إلى نداءاتها التي تطلقها إلى أسماع الأفئدة
... فمخاوف الحياة نذير عملي من مخاوف الآخرة، ونوائبها صورة مصغّرة من كوارثها؟
المفزعة التي تفوق ما تطاله الأوهام والخواطر. ونعم الحياة عرض إعلامي بسيط عن
لذيذ نعم الآخرة وأطايب عيشها الرغيد. والحياة أمد، والآخرة أبد ... أمدٌ ينتهي
وأبدٌ يدوم ويبقى ... وصحيح أن في الحياة اغراءاتٍ للأغرار، ولكن فيها غصصاً
وكوارث وفجائع يعج بها الليل والنهار، وإنذارات صارمة يفهمها ذوو الأنظار، فلا تكن
الغر الذي يغفل أو يستغفل، ولا يرى ولا يسمع لغة الإنذار، فتكون- أعاذك الله- ممن
قال عنهم سبحانه" وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ
وَ الْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لا
يُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ
بَلْ هُمْ
اسم الکتاب : محراب التقوى و البصيرة المؤلف : قاسم، عيسى احمد الجزء : 1 صفحة : 315