responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان المؤلف : قاسم، عيسى احمد    الجزء : 1  صفحة : 73

«... فَلَبِثَ فِي السِّجْنِبِضْعَ سِنِينَ‌ [1]» نسيان لم يخرج بيوسف عليه السلام عن حد العصمة لكنه يبقى نسياناً مرجوحاً بدرجة من الدرجات. [2]

«اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُالشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ... [3]» الشيطان يلتفّ على النفس، يغويها، يريها الوهم حقيقةً، ويُغيِّمُ في ناظرَيها الحقيقة، وتتحوّل النفس بكل ما فيها من مصادر خير، ومن كنوز هدى، ومن إضاءات إلى لعبة في قبضة الشيطان لمن استسلم للشيطان المرة والمرتين والثلاث.

هذا الإنسان الكبير الذي تعلّم كثيراً، وخَبِرَ الحياة كثيراً، وتراكمت عنده التجارب، وقرأ القرآن، وأدمن قراءته، وتعلّم الفقه وأكثر من تعلُّمه، حين يبدأ جولةً من الاستسلام للشيطان يتحوّل إلى طفل ينسى ذاته، ينسى مصالحه، لا يعرف الخير من الشّر. له معرفةٌ فكرية غزيرة، ولكنّ هذه المعرفةَ الفكرية الغزيرة لا تلامس النّفس، ينبني شعورٌ على خلافها، وتختطّ النفس لها خطاً آخر غير ما عليه الرؤية الفكرية النظرية.

وللشيطان جنود يعملون عمله،

«وَ أَضَلَّ فِرْعَوْنُقَوْمَهُ وَ ما هَدى‌ [4]» فالإضلال والغواية والإلهاء، وإلفات النظر عما هو المهم، وعما هو الجد، وعما هو الحق وظيفةٌ دائمة لخط الشيطان وجند الشيطان، لفرعون شخصاً، فرعون نوعاً، فرعون خطّاً.

هذه نصوص عامة تؤكد لنا قيام حضارة على الأرض من صناعةٍ شيطانية؛ صبغتها أنها حضارة النسيان.


[1] سورة يوسف: 42.

[2] النسيان في الآية الكريمة منسوب في تفسير ليوسف عليه السلام، وفي آخر- ويصر عليه صاحب الميزان (قده)- إلى من ظن أنه ناج من السجينين مع يوسف عليه السلام، ولكل منهما دليله القابل للمناقشة، والعصمة ثابتة على كل تقدير. (منه حفظه الله)

[3] سورة المجادلة: 19.

[4] سورة طه: 79.

اسم الکتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان المؤلف : قاسم، عيسى احمد    الجزء : 1  صفحة : 73
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست