responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان المؤلف : قاسم، عيسى احمد    الجزء : 1  صفحة : 26

الآخرة فليس لنا علم به، لذلك يأتي التركيز الكبير على خطر الآخرة والتحذير منه.

ثم إن خطر الآخرة لا يمكن أن يقاس به خطر الدنيا بأي صورة من الصور. هذه الأخطار الدنيوية، هذه الأمراض والأسقام التي تمثل معاناة وعذابات شديدة في الحياة، حين تقاس بخطر الآخرة لا تساوي شيئاً، لا في مدتها ولا في كمّها ولا في نوعيتها. فخطر الآخرة، عذاب الآخرة، يفوق بما لا نستطيع أن نقيسه عذاب الدنيا إقامةً ونوعاً وكمّاً. حيث إن من صورة عذاب الآخرة أن الإنسان يجتمع عليه العذاب نفسياً وروحياً وجسدياً دفعة واحدة، ولا يشغله عذابٌ عن عذاب، ولا يفارقه العذاب لحظة. وعذاب الآلام وعذاب النار قد يكون معه عذاب اليأس وعذاب الاحتقار للذات.

على كلّ حال نحن لا نمتلك صورة عن عذاب الآخرة، ولا نقدّر لذلك العذاب قدراً، لذلك نجد القرآن الكريم يركز على التحذير من خطر الآخرة وعذابها.

الكلمة تقول عنه عليه السلام‌

«ونهاهم تحذيرا»

، لأن كلّ ما نهى الله عنه يمثل ارتكابه نقصاً في الذات، تخلفاً في الذات، ثلمة في الذات. هذه الثلمة في الذات تنزل بالإنسان من موقع إلى موقع، من موقع يرقى به في الجنة إلى موقع ينزل به إلى النار. هناك نتائج حتمية، هناك علاقات موضوعية بين ما نفعل من حرام وبين ما يترتب على ما نفعله من ذلك الحرام. مسألة الجزاء الإلهي على المحرمات تختلف عن مسألة الجزاء القانوني الدنيوي على المحرمات.

هنا يتصدى فرد أو تتصدى مجموعة تشريعية لتقول وتعتبر بأن الفعل الفلاني يعاقب عليه بالعقوبة الفلانية، هذا ربط تشريعي بين الفعل والجزاء، ونسمي هذا النوع من الجزاء بالجزاء الجعلي. يعني الجزاء القانوني هو جزاء اعتباري جعلي.

اسم الکتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان المؤلف : قاسم، عيسى احمد    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست