responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان المؤلف : قاسم، عيسى احمد    الجزء : 1  صفحة : 140

عقولٌ، وترتجفُ قلوب، وتذوب أفئدة، وتتراجع إرادات، وتتغير مسارات، ويتعرّى ضعفٌ، وينكشف الغطاء عن هُزال شخصيات كانت تبدو متينة، ويتحول رجالٌ إلى أطفال. في تلك الأحداث يهتزّ الفكر، تهتز الكلمة، يهتز الموقف؛ ذلك لشدّة الهَول، وأَليمِ الصّدمة، وكبيرِ الضّغط، إلا أن من كان مؤمناً حقّاً، فإنه يبقى محتفظاً بوقاره واتزانه بلا اهتزاز، ولا قلق، ولا إرباك، ولا اضطراب في رؤية ولا شعور.

ثبوتٌ عند المكاره:

يصعب الموقف، ويتهدد بالفناء، فيتقهقر المتقهقرون، ويولّي النَّاسُ الدُّبر، ويبقى المؤمن ثابتاً بشدةٍ ورسوخ في الموقع المتقدم، لايهرُب به فزع، ولا يولّي به رعب. يبقى مواجهاً مقاوماً مرابطاً ما اقتضى العقلُ والدّين بلا نفادٍ للصبر وروحِ التضحية، وفي فداءٍ لا يلين، وعزيمة لا تستكين.

صَبورٌ عند البلاء:

البلاء إذا ثقل وطال يقضي على الصبر، ويسلب النفس تماسكها، ومن فَقَدَ صبره فَقَدَ كلّ راحته، ودينَه وموقعَه واتزانَه وانضباطَه ووزنَه. والمؤمن يزداد على البلاء صبراً، وعلى طول المعاناة تجلُّداً. وربما زاده كلُّ يوم من البلاء قوَّةً، وإلى مناعة نفسه المؤمنة من الانهيار مناعةً.

شَكورٌ عند الرّخاء:

وفتنة الرّخاء والسرّاء قد لا يصمد فيها قادرون على الصمود في فتنة البلاء كما مرَّ في الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله؛ فكم قد غرَّت النِّعمةُ وأبطرت وأسقطت وأهلكت، وحوّلت رجالًا أطفالًا، وأتقياءَ فجَّاراً. وصاحب الإيمان الحقّ لاتستخف منه النِعمُ عقلًا، ولا تفسد شعوراً، ولاتُنسيه حقّاً، ولا توقعه‌

اسم الکتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان المؤلف : قاسم، عيسى احمد    الجزء : 1  صفحة : 140
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست