" عيسى" بين الغموض والوضوح‌

تعددت الأبعاد القيادية في شخصية سماحة الشيخ، وهي أكثر من أن تُستقصى في هذا المختصر، فمن الاجتهاد والفقاهة، مشفوعةً بالوعي والبصيرة، مروراً بالحزم والعزم، والحكمة والحلم، والرزانة والصلابة، والقوة والشجاعة، ولكلّ واحدة من هذه الميّزات شواهد لا تحصى، ولقد أتعبت هذه الصفات الفريدة- المجتمعة في شخص سماحته- عدوَّه، وجعلته محتاراً في طريقة التعامل معه، خصوصاً أن مؤداها العملي- على مستوى المنهج السلوكي لسماحته- قد صار داعياً للحيرة، ووقع مورداً للخفاء على الكثيرين، فصارت شخصية الشيخ بالنسبة إليهم شخصيّةً تتسم بالغموض، صعبةَ التحليل والتفسير، وقد أجاب سماحته- يوماً- من طالبه بالوضوح قائلًا:" وليس عليه أن يكون واضحاً دائماً للجميع في كلّ الموارد، فالوضوح قد يُطلب بكلِّ ثمن، وقد لا يُطلب‌" [1].

والحقّ أن سماحته- بما يعيشه من تميّز- يستعصي فهمه على كثيرين، إلا أن ذلك لا يعني أن الغموض يُعدّ طابعاً سلبيّاً عامّاً يوصم به، بل على العكس من ذلك تماماً، فإن من يعايشه من قرب، يجد فيه سهولة العِشرة، ودماثة الخُلُق، ووضوح السريرة، حتى يكاد مجالسه ينسى أحياناً أنه في محضر" الشيخ عيسى قاسم"؛ من شدة

[1] خطبة الجمعة (431) 26 ذو الحجة 1431 ه- 3 ديسمبر 2010 م.