ويتضوّرون جوعاً، وهو لا يملك لهم شيئا يستطيع به سد جوعتهم، ولا يَدَ له ترفع فاقتهم، فيعتصر قلبه ألماً، وتؤذيه تلك المواقف الحرجة، ويغتمّ لحاله وحال أولاده، حتى يصل به الحال- في بعض الأحيان- إلى البكاء، والشكوى والدعاء إلى الله سبحانه، أمّا هم، فكانوا يدورون حول أبيهم كالحلقة، فيبكون كلما رأوه يبكي، وقد عاش سماحته في ذلك الوضع المرّ، ولا زال إلى اليوم يتذكر آلامه.

ولقد كفله مادّيّاً أخوه الحاج عبد الله من بعد أبيه، وذلك بعد أن حال بينهما ريب المنون، وقد اضطرت الظروف الحاج عبد الله- بوفاة والده- إلى أن يترك دراسته ليعمل من أجل تأمين لقمة العيش لمن يعول به، وقد عمِل منذ شبابه عاملًا في سوق المنامة طوال أيام الأسبوع، لا يبارحها إلا يوما واحدا، وهو يوم الجمعة، يرجع فيه إلى قريته، وأهله، وكان بذلك يقوم بتوفير حاجات المعيشة المادية، ويقارع شظف العيش، خصوصا أن الحاج أحمد لم يكن قد ترك لأبنائه بيتاً مملوكاً، ممّا صعّب مهمة الكفالة على ابنه الأكبر أكثر فأكثر، وهذا ما جعل سماحة الشيخ يسكن في شبابه في بيت ابن عمه- وهو الحاج جاسم بن يوسف قاسم- فترة من الزمن.

طفولة فريدة

لم يكن سماحته في طفولته كغيره من الأطفال في همومه،